لا يختلف اثنان على أن الخطاب في الشريعة السمحة موجه للنساء والرجال على حد سواء، وكلا الجنسين معني بأمر الدين ونشره، كما نص على ذلك القرآن الكريم (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم).. وثبت أن أمهات المؤمنين كن يضطلعن بمهمة بيان الأحكام الشرعية، ويأمرن بالمعروف وينهون عن المنكر، وكان ذلك حال الصحابيات والتابعيات، ولم يرد ما يوجب حجب هذه المهمة العظيمة عن نساء اليوم ممن نهلن من أصول العلم، ودرسن أحكام الشريعة في الجامعات والمعاهد والكليات تماما كما درسها الرجل لا فرق، بل إن النتائج تؤكد تفوق الطالبات على الطلاب في كثير من المجالات العلمية ومن بينها دراسة أصول الدين والشريعة. وما أنا بصدده الآن اقتراح أزعم أنه وجيه وجدير بالدراسة والبحث، وهو يتعلق بجزئية مما سبق إجماله، وهي: تضطر المرأة في كثير من الأحيان إلى السكوت عن بعض الأمور الشرعية بسبب الإحراج وأحيانا يصعب عليها الاتصال بالعلماء للسؤال عن أمر شرعي يختص بحياتها لذا فمن الأفضل وجود امرأة عالمة لتسألها النساء خاصة فيما يختص بالأمور النسائية الخاصة جدا، وقد نجد المرأة في هذا الجانب أكثر معرفة وخبرة من الرجل، فلماذا لا يتولى النساء ممن درسن العلوم الشرعية والفقهية وأصول الدين، وأثبتن نجاحهن وتفوقهن مسألة الرد على استفسارات النساء الشرعية المتعلقة بالجوانب الخاصة بالمرأة، كالنفاس والحيض وخلافه من القضايا التي تشغل حيزا كبيرا من برامج الإفتاء في التلفزة والإذاعة والفضائيات، وتتعرض في كثير من الأحيان السائلة والمجيب إلى حرج كبير قد تترد معه المستفتية من طرح سؤالها بالوضوح المطلوب، هذا بخلاف آلاف الاتصالات الهاتفية المباشرة التي يجريها النساء بحثا عن إجابة لسؤال فقهي نسائي قد تجيب عليه إحدى خريجات كليات الشريعة ممن يملكن العلم والقدرة والكفاية، ويجتزن الاختبارات اللازمة لمثل هذه المهمة فيما لو تم إنشاء إدارة أو جهة تعنى بهذا الجانب وتمثل حاضنة لكافة الأسئلة والاستفسارات الفقهية المتعلقة بالنساء. إن مشروعا كهذا يحمل الكثير من الخير للنساء، ويحفظ لهن خصوصيتهن، ويفتح المجال أمام كثيرات ممن كن يتجنبن السؤال عن كثير من المسائل الفقهية المهمة، ويلزمن الصمت حياء من طرح السؤال على الرجل بشكل علني أو مباشر عبر الهاتف، إضافة إلى ما سيوفره من فرص أمام كثير من خريجات كليات الشريعة اللواتي انحسرت فرصهن الوظيفية في القطاع التعليمي المكتظ بهذا التخصص. ردة بن محمد الحارثي الطائف