عبّر عدد من الإعلاميين المثقفين عن أسفهم لما حدث في نادي الباحة الأدبي، والتقرير الذي رفعه رئيس النادي إلى مقام إمارة المنطقة بخصوص مداخلة أحد المثقفين (الدكتور علي الرباعي) ما كان يجب أن يُرفع، فالموضوع ثقافي، وكان من الواجب أن يتم مناقشته وحله داخل أروقة النادي. وأكدوا في تصريحات خاصة ل “المدينة” أن الأندية الأدبية منابر للحرية والكلمة الهادفة، وأن أي أمور متعلقة بهذا الشأن يجب أن تعود لمرجعيتها الأساسية وهي وزارة الثقافة والإعلام دون تدخل أي جهات أخرى. التوجس والشكوك الأكاديمي والكاتب الصحفي علي سعد الموسى قال إنه للأسف الشديد لم تفرز إعادة هيكلة الأندية الأدبية إلا رؤساء يعتقدون أن وظيفتهم الثقافية هي كتابة عريض الردح والانتقام وتطبيق السيادات، وحتى لو لم اطلع على خطاب رئيس أدبي الباحة، فأنا واثق أن تحليل هذا الخطاب ليس إلا مثل تحليل وثيقه أمنية بحق فرد، ومتأكد أن الخطاب الذي رفعه رئيس النادي إلى الإمارة إنما يحاكم تاريخ المتداخل (علي الرباعي) ويحلل شخصه وشخوصيته بناء على رأي رئيس النادي، ومتأكد أن شكواه لا علاقة لها بالمداخلة، فهي فرصة سانحة أمام رئيس النادي لتسجيل هدف في مرمى خالٍ من أي قضية، وبكل صراحة مثل هؤلاء رؤساء الاندية لا يستطيعون إدارة عمل ثقافي طالما أن أقلامهم لا تستطيع إلا كتابة التوجس والشكوك والمحاكمات، ومع مثل هذه العيّنة من الرؤساء لايستطيع المثقف الحقيقي أن يعمل وأن يقول رأيه بكل أمانة واستقلالية، فهؤلاء لا يصلحون لرئاسة نادٍ ثقافي يفترض أن نسمع فيه ونناقش، فمؤسف أن جملة واحدة من متداخل تحولت الى قضية، وهذا يعكس غلامية المشهد الثقافي. ننشد الحوار والثقافة من جانبه أوضح الدكتور محمد آل زلفة أن الأندية الأدبية هي التي تشيع فيها الثقافة العامة، كما إنها تنوير للمجتمع، وفي المدن الرئيسية كالعاصمة الرياض تجاوزوا كل هذه الأمور التي يتحدث عنها أدبي الباحة، وإنني استغرب ماحدث في نادي الباحة الأدبي من جدل حول قضية يجب ألا تكون، ولكن لا أعلم هل مجتمع الباحة يختلف عن مجتمع الرياض، وأكيد على المسؤولين في الثقافة أن يسعوا إلى نشر الثقافة في جميع مناطق المملكة وبشكل جيد، كما يجب على وزارة الثقافة والإعلام أن تسن تعليمات واضحة، وإنني لأرثي لحال الرجال الذين يقبعون في مدرجات القاعة ولا يرون ولا يشاهدون، والحقيقة أن كل من شارك هن بناتنا واخواتنا، وأطالب جميع رؤساء الأندية الأدبية في المملكة أن لا ينشغلوا باختلاف وجهات النظر وإخراجها عن أروقة النادي وتقديمها للإمارة أو المحكمة، ونحن نقول لهم إننا ننشد الحوار والثقافة بدون وسائل تحريضية أو شكوى، والواجب عليهم حلها على منابرهم، وأعتقد أن الشكوى التي تصدر من مثقفين تعطي صورة أن الناس في تلك المنطقة متوحشون يتربصون بالنساء شراً. منبر النادي مفتوح رئيس النادي الأدبي بالدمام جبير المليحان، قال: بكل تأكيد ان منابر الأندية للجميع، والنادي الأدبي مؤسسة مجتمع مدني تقدم خدماتها للمنطقة التي أُنشئت فيها، ولذلك فإن منبر النادي مفتوح لجميع الأنشطة الأدبية والثقافية والمعرفية، ومهمة إدارة النادي (الأعضاء) هي تهيئة الجو المناسب لتقديم هذه الأنشطة بالشكل المطلوب، وذلك يعني إتاحة الفرص كاملة (للمحاضر والحاضرين) لإبداء آرائهم بحرية تامة، دون تدخل، أو وصاية.. فمنصة النادي ساحة مفتوحة تُعرض فيها الآراء المختلفة، المتفقة أو المتعارضة، بأسلوب حواري راقٍ. مصادرة الحرية الإعلامي الأديب خليل الفزيع أشار إلى أن ما يحدث في أروقة النادي الأدبي من خلافات أو اختلافات في وجهات النظر يجب ألا يخرح عن حدود النادي، سواء فيما يتعلق بخلافات أعضاء مجلس الإدارة، أو الاختلافات في وجهات النظر بين رواد النادي ومن يحضر فعالياته الثقافية، وما من قضية ثقافية إلا وتحدث حولها اختلافات في وجهات النظر، وحتى في حالة الخلاف لا يحق لأي جهة التدخل باستثناء وزارة الثقافة والإعلام باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة عن الثقافة والمثقفين ومن حقها وحدها مساءلة كل من يتجاوز الأنظمة الموضوعة لحسم مثل هذه الأمور، وإذا تُرك الأمر لتدخل جهات غير وزارة الثقافة والإعلام فهذا يعني مصادرة الحرية الثقافية، كما يعني أن وزارة الثقافة لا تقوم بواجبها، وهذا غير صحيح حيث أن هذه الوزارة تقوم بواجبها في مثل هذه الحالات خير قيام، ويمكن لأي جهة رسمية أن تعترض على ما تراه غير مناسب ولكن عن طريق وزارة الثقافة والإعلام دون غيرها، ومثل هذه التدخلات لا يمكن التصدي لها إلا إذا ألتزم كل مسؤول بحدود مسؤولياته، حتى لا يصبح المثقف هدفا سهلا لكل من يريد تصفية حساباته معه، أو يريد الإساءة إليه دون وجه حق، وهي تدخلات لا تسيء للمثقف بقدر ما تسيء للجهة التي تدخلت بشأن ليس من اختصاصها. أعلن أسفي عضو اللجنة الاستشارية بنادي الباحة الأدبي الدكتور صالح زياد أوضح ان الأمر فاجع إذا نظرنا له من زاوية ما حدث في نادي الباحة ومثير للإحباط، وأتمنى على الأخوة في النادي أن يسارعوا إلى لم القضية وحلها، وأن يمضي النادي في طريق العمل الثقافي الذي يثري واقعنا ويضيف إلى وعيه وفكره ما يرقى به، وأنا أعلن أسفي لما حدث للصديق الدكتور علي الرباعي، وهو مثقف متوقد بالحس الوطني وذو شفافية إنسانية عالية، وقد شكّلت لي الحادثة صدمة من جوانب مختلفة أبرزها ما شف عنه الكثير من التعليقات ووجهات النظر حول الحادثة من مفاجأة مضحكة بالاكتشاف المتأخر لمعاناة المثقف ومؤسسات الثقافة لدينا من التربص والتوظيف والاستعداء، ولم أكن حقيقة أتوقع أن يكون سبب هذه الفاجعة من رئيس النادي أحمد المساعد، فهو رجل عاقل وبعيد عن تشدد المتشددين وولعهم بالاصطياد الغادر، وهو من قاد مع زملائه إبراز فعل المرأة الثقافي والحرص على مشاركتها، وكان في حماسه لملتقى الرواية وغيره من المناشط القيِّمة دلالة على ما ينافي عقلية البوليس والضيق بالرأي الآخر. وأضاف الدكتور زياد: وهنا نأتي إلى جانب آخر وهو التقرير نفسه.. هل كان يحتاج فعلاً إلى الشرطة والتحقيق وما تحدث به الدكتور الرباعي مما يدلل على الجناية وليس التعبير عن رأي.. لابد من الحديث عن خطأ ما.. إن كان الأمر على ما قرأنا في الصحف، فهل هو خطأ الشرطة؟ لا بد لرجال الشرطة أن يكشفوا حقيقة ما حدث وأن ينأوا بأنفسهم عن الخطأ، ومدير شرطة المنطقة وعدد ممن أعرف من ضباط الشرطة على درجة من الوعي والعلم والاحترام للإنسان والأنظمة، أما ثقتي الكاملة فأضعها في سمو أمير المنطقة وسمو نائبه، فهما يعيان تماماً أن المؤسسات الثقافية بما تتيحه من حرية الرأي والتعبير تسهم في خلق مناخ الحوار وتمنع النميمة وتفسح للعقل والمنطق، وهذا هو الطريق لقطع الطريق على تشكّل غرف الحكي المظلمة وما تجره من شيطانية وجنوح.