نتقن الاختباء خلف أسوار المشكلة، وحين ترتفع عقيرة الناقدين فإنها تتعامل بلغة التقاذف في لحظات الأزمة، تتقلب أحوالنا بين الصمت واستهداف شخص أو مجموعة وتحميلهم التبعة، وغالبا مايكون الضعيف هو المذنب فتصبح السهام قوافل غازية بلا سؤال أو رقيب. مجتمع النجاح هو المجتمع الذي يثق بقدراته ويسمح بالتنفس في أجواء حرة بعيدا عن صخب الاتهامات وافتعال القنابل الموقوتة التي تشتت الانتباه وتبعد التركيز عن اتجاه الصعود. لدينا موروث يشكل قاعدة لحالة ثقة وبناء شخصية قوية للمجتمع ولكن واقعنا السلوكي يتناقض مع قيمنا ومبادئنا، وهي المشكلة التي تستدعي التساؤل من الجميع. ماذا لو أصبحت المساءلة ثقافة والاعتراف بالخطأ سلوكا يتغذى المجتمع على قيمه الطبيعية ويقدم نموذجه الحقيقي للعالم. نخب المجتمع وقادتها هم الأقدر على تشكيل هذه الثقافة إن التزموا بها وساهموا في بنائها واقعا لينتقل المجتمع ونخبه ابتداء من فقه التقاذف وزرع الألغام التي تشتت الانتباه ويصحو المجتمع في أتونها على مفاصلة يومية جديدة في أوصاله الفكرية إلى حالة حوار، المصارحة فيه حاضرة والاحترام أساس والنبل في الاختلاف قاعدة. ماذا لو تحالفنا على وثيقة شرف نرتفع بها من مستوى المشاحنات إلى حفظ ثوابت البلد والاتكاء على مشهد تنموي ندفع المجتمع إليه ونحاول تأسيسه في وعيهم وننتقل إعلاميا من لغة صراع إلى لغة بناء وتنمية يصبح فيه السياسي والشرعي والثقافي وخلفهم مجتمع متيقظ باتجاه صعود واحد. ليس في هذه الأطروحة دعوة لوأد الاختلاف وإجبار المجتمع على التفكير بنسق واحد ولكننا ندعو إلى التقليل من الاحتقان المندفع في قضايا تافهة تشغل عن التفوق وليت وزارة الشؤون الإسلامية ومؤسسة الحوار الوطني وغيرها من الكيانات الرسمية والمدنية المهتمة والمؤهلة تبادر لتجمع المختلفين حول ورقة تعبر عن شكل نهضوي مقترح تتفق عليه كافة الأطر والاتجاهات، ومن ثم يصبح مشروع وطن مسلم من حقه ومن حق أبنائه أن يتفوقوا وأن يكونوا الرقم الأقوى في رحلة المنافسة العالمية الكبرى. مجتمع النجاح هو المجتمع الذي يحدد هدفه ولا يتنازع الأهداف هو المجتمع الذي تنطلق فكرة تطويره ونهضته من ثوابته وقيمه وتجد لها توافقا عاما لدى الناس. مجتمع النجاح ليس المجتمع الأقل اختلافا ولكنه الأقدر على التكيف مع الاختلافات والأسرع في تحييدها والعمل على القضايا الكبرى المتفق عليها شيء من التوافق على المسار الكلي مع تخفيف لغة المفاصلة في الخطاب ستقدم شيئا من النجاح شيئا للوطن.