بالأمس تحدث زميلنا الكاتب محمد الحساني عن ظاهرة شح الأراضي في بلدنا المترامي الأطراف، وبرغم أن الحساني كان صادقا في حديثه عن هذه الظاهرة المرعبة إلا أنني أجد مفردة (شح) لطيفة أكثر مما يجب فالأراضي (بح) أو (فص ملح وذاب) كما يقول أهل مصر، فقد استيقظنا من النوم لنكتشف أنه لا توجد أرض لبناء مستشفى أو مدرسة أو حتى مقبرة. لو حدث هذا الأمر في إمارة موناكو أو أية دولة (مجهرية) يركل فيها الأطفال الكرة فتسقط خلف الحدود لقلنا إنه أمر طبيعي، ولكن حين يحدث ذلك في بلد يمتد طولا من بلاد الشام إلى اليمن ويمتد عرضا من الخليج العربي إلى البحر الأحمر فإن العقول تصبح عاجزة عن الفهم. نحن اليوم أمام أزمة حقيقية تهدد مستقبلنا وتجعل من الحاضر سلسلة من المشاريع المؤجلة، ولا نعلم أين كانت البلديات والجهات القضائية حين تم الاستحواذ على هذه المساحات الهائلة من الأراضي حتى أصبح سعر المتر المربع في صحراء النفود أغلى من سعر المتر في الريف الإنجليزي؟!، ولا بد من الإشارة هنا إلى أننا لا نسوق هذه التسعيرة على سبيل المبالغة أو السخرية فبإمكانكم العودة لإعلانات الصحف التي يعرض أصحابها بيع بيوت في إنجلترا بأسعار أقل من أسعار صحارينا لتعرفوا أننا (رحنا فيها). يقول أحد القراء إنه أراد شراء قطعة أرض في مخطط جديد وحين اتصل بصاحب مكتب العقار لمعاينتها على الطبيعة طلب منه الأخير أن يأتي بسيارة دفع رباعي كي لا تغوص سيارته في الرمال!. وبعد كارثة جدة تم تصنيف العديد من الأحياء على أنها غير صالحة للسكن لوجودها في أودية ومجاري سيول وأصبحت في انتظار قرار الإزالة وهذا يعني ارتفاع أسعار الأراضي في الأحياء الأخرى بصورة أوتوماتيكية، وهنا لن يجد سكان هذه الأحياء مكانا يسكنون فيه سوى الربع الخالي، أما إذا ظهرت صكوك ملكية في الربع الخالي فليس ثمة حل سوى استئجار مركبات فضائية والسكن على سطح القمر، ومن هناك سوف يبلغ الناس أقرباءهم في الرياضوجدة والشرقية بموعد دخول شهر رمضان قبل أن يتم الإعلان عنه في التلفزيون!. لقد استهلكت هذه الظاهرة ميزانية وزارة التربية والتعليم التي وجدت نفسها مضطرة لتخصيص مئات الملايين لشراء أراضٍ تبني عليها المدارس، وتوقفت وزارة الصحة عن بناء العديد من المستشفيات بسبب عدم قدرتها على شراء أراضٍ بهذه الأسعار المخيفة، وليس ثمة داعٍ لأن نقول بأن بعض المشاريع العملاقة يصاحبها دائما ظهور صكوك ملكية تتطلب دائما مضاعفة الميزانية أو توقف المشروع نهائيا. لا بد من وقفة جادة لمواجهة هذا الواقع العجيب، وإلا فإننا سننام جميعا تحت الكوبري.. تماما مثلما يفعل مخالفو الإقامة!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة