أحيانا أشعر أن هناك خللا ما في رؤية البعض للأمور حين أعتمد على ثقافتنا المستمدة من الإسلام، وفي أحايين نادرة «بسبب أنانية الإنسان» أحاول أن أجد لهم عذرا، فأتهم نفسي بأن الخلل ربما لدي أنا، في محاولة لتقبل هذا الآخر المختلف والمتناقض أيضا في الرؤية رغم أن مصد الثقافة واحدة. آخر مرة حدث لي هذا بعد سلسلة المقالات التي تحاول إقناع المجتمع بتوسيع دائرة التسامح والتعاطف مع مرضى «الأيدز»، وألا تدمر الفرد على أول خطأ، وأن فعل هذا مع الفرد يعني دفعه للجريمة أكثر، فجاءت أغلب الإيميلات محذرة تارة ومهددة ومتوعدة ومتهمة تارة أخرى. ثمة من قال: «إن التعاطف يعني تقبل الرذيلة، فاحذر هداك الله أن تكون عونا للشيطان»، وهناك من أكد أن نواياي معروفة ولا أعرف ماهية قدرات ذاك المرسل الذي يقرأ النوايا، وبالتأكيد لم تخل الرسائل من الشتائم؛ لاعتقادهم أني أنتمي لتيار معاد للمحافظين، مع أني وبصدق ليس لدي إلا صديقين أتحدث معهما دائما، أحدهما مهندس طيران، والآخر في قرية بعيدة لا نلتقي إلا هاتفيا، وكلاهما ينتميان إلى حزب الأغلبية الصامتة مثلي لولا هذه الزاوية. هؤلاء المرسلون والمحذرون والغاضبون واللعانون ينتابني شعور أن لديهم خللا في رؤيتهم للأمور، مع أننا جميعا ننطلق من ثقافة واحدة وأعني الإسلام. فحين أعود لكتاب الله عز وجل بحثا عن أي العقوبات أو الخطيئة أو الجريمة التي صعد فيها القرآن خطابه، تأتي آية «من قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا»، وهذا يعني أنه من المفترض وإن كان ولا بد أن يغضب المجتمع من جريمة ما ويثور على مرتكبها ولا يغفر له، أن تكون جريمة القتل هي أكثر جريمة تثير غضب المجتمع، ولا يسامح فاعلها المتعمد، لأن قتل إنسان يعني قتل الناس جميعا، ومع هذا تجد المجتمع في هذا الأمر يملك مساحة من التسامح، إلى حد أن يقف شخص في المسجد بعد الصلاة ويرفع صك المحكمة، ويروي معاناته وأنه مطالب بدفع دية لأنه قتل وعن طريق الخطأ أشخاصا، فيبدأ المصلون بدفع ما يقدرون عليه وهم يرددون أعانك الله، أو تجد القبيلة تبدأ في جمع دية بملايين الريالات لتنقذ ابنها من القصاص، ويتقبل المجتمع هذا ولا يثور عليه، فيما يغضب ويحتقر وينفي أولئك الذين أصيبوا بمرض نقص المناعة «الأيدز»، لحد أن من يدافع عنهم يتهم بنشر الرذيلة. ألا يثير مثل هذا الأمر دهشة أحد، ويجعله يتساءل: لماذا لا أجد مساحة في قلبي للتسامح وأغضب أشد الغضب على مريض ارتكب خطيئة أدت إلى إصابته بمرض، فيما أجد مساحة كبيرة للتسامح والعطف، بل وأشارك في دفع الدية لإنقاذ قاتل؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة