يقول أبو بكر سالم في أغنية قديمة إن الهوى (يهد قلب البعير)، لذلك أحاول إقناع نفسي دائما بأن أسعار الإبل المبالغ فيها هذه الأيام، هي لون من ألوان هوس بعض الأثرياء باقتناء الأشياء النادرة أو البحث عن التميز، فحين يدفع أحد الأثرياء أكثر من عشرة ملايين ثمنا لناقة (مزيونة) فإن الكثيرين غيره يدفعون مبالغ مماثلة في عالم كرة القدم أو سباقات الخيل أو السيارات الكلاسيكية. صحيح أن الفقراء (تنفقع) مرارتهم حين يشاهدون ناقة لا تحمل أي سمة من سمات الجمال ذات قيمة مالية يمكن أن تحل المشاكل الاجتماعية المتوارثة في ثلاثة أحياء عشوائية متجاورة، ولكن الأرزاق بيد الله والناس أحرار في أموالهم، وكما قال المثل: (اللي عنده ريال ومحيره .. يشتري حمام ويطيره). ما يعنيني في هذا الموضوع أن عشاق الإبل يركزون على جمال الناقة أكثر من أخلاقها، ويحرصون على تكافؤ النسب داخل (منقياتهم) أكثر من حرصهم على فهم الجمل كحيوان عاش معنا منذ آلاف السنين حتى بتنا نعرف به ويعرف بنا. هذه هي الحقيقة .. فالجمل (منا وفينا) لذلك شعر الكثيرون منا بالغضب حين أعلنت أستراليا أنها ستقوم بإعدام آلاف الإبل السائبة، فقلنا لأنفسنا إن أهل أستراليا لا يستحقون هذه الإبل فهم قوم اعتادوا على قفزات الكنغر السخيف ولو كانت إبلهم بيننا لوجدت رعاية لا يجدها أبناؤنا، ولكن السؤال الذي يشغلني: هل أكرمنا الجمل حقا كما أكرمنا في السنين الصعبة؟. ثمة نظرية تقول: إن الجمل هو الذي حدد خارطة العالم الإسلامي الذي ينتهي غربا بالمحيط الأطلسي وينتهي شرقا بسور الصين، وينتهي شمالا بثلوج روسيا وينتهي جنوبا بغابات وسط أفريقيا، وكلها حدود لا يستطيع الجمل عبورها، وقد ورد ذكر الجمل في القرآن الكريم وهو موجود دائما في الشعر العربي والأمثال والحكم، بل إننا نستخدم مئات المفردات والتراكيب اللغوية المستمدة من شكل الجمل وحركته: (المرحلة ..العشوائية ..الأمر برمته .. الحنين ..الخ)، ومن الناحية التاريخية فقد ساهم الجمل في بقاء جزيرة العرب عصية على أطماع الغزاة لأن سيد الموقف في هذه الصحاري القاحلة هو من يملك الجمل ويفهمه. كما أن الجمل يعد حيوانا عجيبا غريبا مليئا بالأسرار العلمية، ويحتاج إلى مراكز أبحاث علمية قادرة على اكتشاف الكنوز الكامنة داخلة، فهل نخصص شيئا من هذه الملايين لفهم الناقة بدلا من مطاردة حسنها الفتان؟!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة