كشفت دراسة حديثة تتعلق بقضايا الاستيطان والقيود على المزارعين الفلسطينيين، أن إسرائيل تمهر منتجات زراعية من المستوطنات ب «صنع في فلسطين»، لخداع المستهلكين وخداع حملات مقاطعة منتجات الاستيطان. ويقول الباحث عبدالستار شرايدة المختص بقضايا الاستيطان في دراسته بعنوان «الأغوار: بين معيقات التنمية للمزارعين الفلسطينيين ومحفزات الإنتاج للمستوطنين»، إن سلطات الاحتلال سعت إلى التحكم الديموغرافي في منطقة الأغوار من خلال إحداث خلل ديموغرافي مفتعل لصالح مستوطنيها. ويضيف شرايدة في دراسته التي ستنشرها مجلة «سياسات»، إن الاحتلال عمل على التحكم في التوازن الديموغرافي بعدة وسائل، منها: من خلال زيادة مساحة وسكان المستوطنات في الأغوار على حساب الأراضي والسكان الفلسطينيين في المنطقة من خلال التهجير ومنع تشييد الأبنية في التجمعات الفلسطينية في منطقة (C) في الأغوار. ويستشهد الباحث بالحال في خربة عاطوف في الأغوار، حيث الثابت الوحيد في المتغيرات اليومية التي تفرضها سلطات الاحتلال على الأرض والمواطنين الفلسطينيين هناك، هو تراجع عدد سكانها من 250 عائلة في العام 1967 إلى 20 عائلة حاليا. في المقابل شهدت مستوطنة «بقعوت» المحاذية نموا ديموغرافيا تصاعديا استنادا إلى عمليات التوسعة والمصادرة على حساب أراضي الخربة والتجمعات الفلسطينية الأخرى، حيث بلغت مساحة الأراضي المصادرة لإنشاء المستوطنة في العام 1972 نحو 400 دونم ونحو 1000 دونم مصادرة وملحقة بالمستوطنة لأغراض زراعية. واليوم تبلغ المساحة السكنية للمستوطنة نحو 675 دونما ونحو 2500 دونم ملحقة لغرض زراعة كروم العنب والورود والأعشاب الطبية من قبل المستوطنين فيها. ويقول الباحث إن هدف سلطات الاحتلال الرئيس في منطقة الأغوار هو تهجير الفلسطينيين منها لأهميتها الاستراتيجية وتعزيز مكاسب المستوطنين الاقتصادية لتحفيزهم للعيش فيها. ولفعل ذلك، فإن سلطات الاحتلال تستخدم عدة وسائل لدفع المزارع الفلسطيني لترك الزراعة، منها الإكثار من الحواجز العسكرية وحجز الشاحنات التي تقل صناديق الخضار تصل أحيانا لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة ما يؤثر على جودة المنتج وبالتالي على قيمتها التنافسية في السوق التي تؤدي إلى بيعها بأسعار رخيصة جدا. إلى جانب هذا ومن خلال سيطرة إسرائيل على مصادر المياه، فإنها تحرم المزارعين الفلسطينيين من المياه اللازمة للري. في الجانب التسويقي، فإن السلطات الإسرائيلية تنصلت من فكرة نفي كلمة فلسطين عندما تعلق الأمر باقتصاد مستوطنيها، وكشفت عن استعدادها للدخول بأية مواجهة لإبقاء المستوى الاقتصادي الذي وعدت به مستوطنيها في الأغوار، وإن كلفها ذلك الترويج لمنتج «صنع في فلسطين»، من باب التحايل على منظمي حملات مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية. والغريب في الأمر، حسب شهادات وكلاء عمال عرب في المستوطنات الإسرائيلية في الأغوار، أن أرباب عملهم غير قلقين من حملات المقاطعة في الدول الأوروبية بقدر القلق من المنافسة من منتجات دول المغرب العربي التي باتت تنافس منتجات المستوطنات في الأسواق الخارجية تحديدا في منتجات الأعشاب الطبية. وعبر سيطرتها على المعابر وفرت السلطات الإسرائيلية غطاء للتحايل مع مستوطنيها حول شهادات منشأ المنتجات الزراعية والتلاعب بمنشئها لإتاحة تسويقها في دول الاتحاد الأوروبي المتشددة إزاء منتجات المستوطنات الجاثمة على أراضي الضفة الغربيةالمحتلة.