تغيب مقولة «من علمني حرفا صرت له عبدا» عن أذهان الطلاب طيلة العام الدراسي وتحضر فجأة مع الاختبارات، وهي الفترة التي يؤكد فيها معلمون أن علاقة الطلاب بهم تكون أكثر حميمية في سبيل الفوز بتعاطفهم وكسب ودهم، وبالتالي الحصول على أفضل الدرجات. وفي هذه الفترة التي تعتبر بمثابة «المخاض» وموسم قطف الثمار، هناك من بين الطلاب من يحاول ردم الهوة بينه وبين معلميه والتقرب إليهم بشتى الوسائل وكسر كل الحواجز، خصوصا أولئك الطلاب ذوي المستويات المتدنية، وربما هي محاولة أخيرة للتعلق بقشة النجاة التي لا تخرج عن رسم الابتسامات في وجوه المعلمين وكيل عبارات المديح لهم وطلب المساعدة و «تكفى يا استاذ». وتتوطد علاقة الطلاب بمعلميهم بشكل أكبر خلال هذه الفترة ويتوددون إليهم في محاولة لمعرفة مدى قدرتهم على النجاح من عدمه، وهو ما يؤكده مدير مدرسة ابن كثير المتوسطة عاطي المحمدي، يقول «المعلم يعتبر أبا روحيا للطالب مهما كان بينهما من خلافات، ويتوجب على المعلم أن يعامل طلابه كأبنائه، يصغي إليهم ويتعاون معهم بعيدا عن التعصب أو التعالي». ولأن الطالب يكون في أمس الحاجة إلى معلمه خلال هذه الفترة فإنه يحاول جاهدا تقوية أواصر هذه العلاقة خلال فترة الاختبارات، ويؤكد ذلك كل من الطلاب فيصل المطيري، محمد مروان، أحمد الصوفي، عبد العزيز الشماسي، وعبد العزيز الأنما، ويتفقون على أن علاقتهم بمعلميهم تصبح أكثر قوة خلال فترة الاختبارات من أجل تحقيق الهدف المنشود ومعرفة الإجابات الصحيحة في المواد الدراسية، لكن ذلك لا يعني أن علاقتهم مع معلميهم سيئة بقية أيام السنة الدراسية. ويرى رئيس قسم المناهج في جامعة أم القرى الدكتور صالح بن محمد السيف أن فترة الاختبارات هي فترة تقويم نهائي لجهد بذل خلال فترة زمنية لا تقل عن فصل أو فصلين بحسب نظام التعلم القائم، «وهذا يعني أن العلاقة خلال هذه الفترة علاقة ورقية، تساؤلات معقولة واستعداد للإجابة عليها، في حالة وصول التساؤلات إلى مستوى التحدي فإن العلاقة النفسية لدى الطلاب تتحول من الإيجاب للسلبية». ويضيف «هناك علاقة بين الطالب ومعلمه تتزامن مع فترة الاختبار وفق ما يسمى تدريس خصوصي أو خدمة، يتم من خلالها تبليغ الأسئلة تلميحا أو تصريحا». ويعتقد الدكتور السيف أن هذه الحالة هي استمرارية لحالة الطوارئ التي تتم خلال فترة الاختبارات في المنازل وفي أفكار الطلاب والرهبة التي لاحدود لها، «علما بأن نواتج التقويم القائم كما ترى أحدث الدراسات حول التقويم البديل أن هذا النظام «السيكومتري» هو مقياس سطحي لجوانب معرفية محدودة، فإذا سلمنا بذلك وجب أن نتحول إلى البدائل الفاعلة بالمخرجات». أما الدكتور زايد بن عجير الحارثي أستاذ علم النفس عميد كلية التربية في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة، فيؤكد أن علاقة المعلم بالطالب يجب أن تكون علاقة أبوية وصادقة طوال العام الدراسي، «الطالب ينظر إلى المعلم كقدوة له في سلوكه وأخلاقه وهو الذي يقدم له المعرفة ويساعده على نمو شخصيته وصقل مواهبه، والاستمرارية في هذه العلاقة يجب أن تكون صفة ملازمة وهى دليل على نجاح العملية التربوية ولا يجب أن تقوى وقت الاختبارات ولا بعدها، ولكن في جميع الأحوال على المستوى الواقعي يجب أن يستثمر المعلم أوقات الاختبارات لزيادة الثقة بينه وبين الطالب والتعويض عن الأوقات المفقودة في تقوية تلك العلاقة».