سجل حضورا لافتا في عالم الشعر ولمع نجمه في برنامج «شاعرالعرب»، وتميز مخرب بن فلاح القحطاني -إلى جانب شعره السلس والعميق في الوقت ذاته- بصوته العذب الذي كان سببا في ترديد الجمهور للعديد من قصائده، حيث سكنت شيلاته قلوب عشاق الشعر. تحدث لنا القحطاني في هذا الحوار عن سبب انسحابة من «شاعر العرب» وعن العديد من القضايا المهمة في حياته ومشواره الشعري، مؤكدا اعتزازه باسمه الذي أطلقه عليه الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله. وإليكم نص الحوار: • في مشاركتك الأخيرة في برنامج «شاعر العرب» انسحبت رغم النجومية التي حققتها في البرنامج، فما السبب؟ أولا أشكرك على الإطراء، أما عن مشاركتي في شاعر العرب فكانت تجربة جيدة استفدت منها رغم ما قيل ويقال. وانسحابي كان بعد تأهلي لمراحل متقدمة وكان لأسباب يستحسن عدم الخوض فيها، فقد تجرح البعض وتفهم على أنها إساءة شخصية أو ما إلى ذلك، ولكن ثق أنني لم أندم على مشاركتي، ولن أندم إن شاء الله على انسحابي الذي كان بقناعة تامة، ولعلها فرصه من خلال صحيفتكم الموقرة أن أقدم شكري للبرنامج والطاقم الذي أسهم في نجاحه، ولا أنسى إخواني الشعراء المبدعين الذين كانوا السبب الرئيسي فيما وصل إليه البرنامج من أصداء واسعة. • ولكن ألا ترى أن البعض قد يفسر انسحابك بأنه جاء خوفا من المنافسة وبالتالي الخسارة، فقلت بيدي لا بيد عمرو؟ إطلاقا هذا الكلام غير صحيح، ولو لم تكن عندي الثقة والقدرة في المنافسة والفوز باللقب لما شاركت من البداية ويمكنك أن تشاهد حلقات البرنامج مرة أخرى، ستجد أن حضوري الشعري كان مميزا وهذا ما شهدت به اللجنة وأيده جمهور البرنامج داخل الاستوديو وخارجه، وأنت تريد استدراجي للحديث عما لا أريد البوح به، على الأقل في الوقت الحاضر. • أنت من الشعراء الذين عزفوا على وتر القبيلة، فلماذا يلجأ الشاعر في المسابقات المعتمدة إلى التصويت والقبيلة لا الشاعرية؟ سؤالك ذو شقين؛ الشاعرية والقبيلة، وفي رأيي يجب النظر إلى الأمر من زوايا مختلفة، فلا يمكن أن يوجد في البرنامج من لا يملك الشاعرية -وإن اختلفت جودتها من شاعر إلى آخر- وهي الدافع والمحرك الأول للشاعر، أما القبيلة فالشاعر جزء منها شاء أم أبى، وأنا شخصيا لم أتعمد العزف على هذا الوتر ولكن كان ولا بد من الإشادة والفخر بمن هم أهله. • بعيدا عن الشعر، ألا ترى أنكم بالعزف على وتر العصبية تستنزفون أموال القبيلة؟ هذه الحقيقة المرة التي اكتشفتها ولها الدور البارز في انسحابي من البرنامج. نعم هذا ما لا أرضاه على أهلي وربعي، وأقسم لك أنه لم يصلني من اللجنة والبرنامج أي مبالغ مالية وأتحدى من يثبت عكس ذلك، وهذا الأمر للأسف انتشر وأصبح ديدن المسابقات الشعرية وغيرها التي تستنزف جيوب الناس، ولا أنسى أن أشيد بمواقف أهلي وربعي وأصدقائي وأبناء قبيلتي الذين دعموني معنويا وماديا بشكل خاص، وهذه الوقفة ستبقى وسام عز على صدري ما حييت. • بروزك في الساحة الشعبية كان من خلال البرامج التلفزيونية، فأين كنت من صحافتها؟ ولماذا لا تقول أين صحافتها مني؟، عموما ما غاب من حضر وربما يكون القصور مني وذلك لظروفي، والصحافة الشعبية بحاجة إلى التواصل المستمر وهم يطبقون المثل القائل الغائب عن العين غائب عن القلب، وأتمنى أن أبقى أمام أعينهم وفي قلوبهم. • أشاد الجميع بصوتك وشيلاتك، ويقال إنها من أسهمت في نجوميتك؟ ولم لا؟، صوتي جزء مني وهو من يحمل شعري ليصل به إلى أذن المتلقي وبالتالي قلبه، وهذا يحسب لي لا علي، ولك أن تأخذ محمد عبده مثلا، فرغم شاعرية الأمير بدر بن عبد المحسن التي تدهشنا بروعتها إلا أن حنجرة محمد عبده هي من عبر بشعره عبر الحدود حتى وصل المحيط غربا وهذا ما يعترف به الأمير بدر، فالشعر بحاجة إلى أدوات كي يصل في أجمل صورة. هناك قصائد عظيمة ولكنك عندما تسمعها من شعرائها تسقط والسبب ليس في الشعر ولكن في أداة توصيله. • ولماذا هجرت شعر المحاورة؟ شعر المحاورة من أجمل الفنون الشعرية ولكني لم أجد نفسي فيه، ربما لأنه قد يصل بك إلى ما لا ترضاه على نفسك ولا على غيرك من إسفاف قد تجر اليه دون إرادة منك، فتصبح «الملعبة» ساحة معركة لا ساحة شعر. • هل قدمت برامج ومسابقات الشعر ما يشفع لها بالبقاء والإشادة؟ المسابقات سيف ذو حدين، وكما يقال لا يجب النظر إلى الجزء الفارغ من الكوب، فكما أن لهذه البرامج الكثير من السلبيات إلا أن لها إيجابيات فيما يخص تقديم الأسماء الجديدة ومنحها الوهج الإعلامي في ساحة الشعر العامي والفصيح. • والقنوات الفضائية، ألا ترى أنها تتكاثر بشكل سريع؟ في ثقافة مجتمعنا إذا فتح شخص صالونا للحلاقة تجد الشارع وقد امتلأ بالحلاقين، وكما قلت الآن موضة القنوات الفضائية لتقديم الشعر و«الترزز» والمجاملات، ولكني أعتقد أنها ستمر بما مرت به المجلات التي انتشرت حتى أصبحت في كل بقالة تباع مع علب الصلصة والآن انحسرت ولم يبق منها إلا ما كان له دعم ما. • بصدق، من الشاعر الذي يشدك في الساحة الآن؟ أعتقد أن الشاعر محمد بن الذيب هو الأكثر إثاره وشاعرية في الخليج؛ لما تحمله قصائده من قوة سبك ومعان وتنوع، وأضف إلى ذلك إلقاءه الرائع، وهناك أسماء كثيرة سواء في المملكة أو دول الخليج. • معظم الشعراء يتحدثون عن الملهمة التي تدفعه ليمطر شعرا، كيف ترى دورها في تجربتك الشعرية؟ اسألوا (أبو عماد)، يقول صديقي الحميم المثقف علي الغامدي الملهمة للشاعر كالهواء الذي يتنفسه فلا حياة دون هواء، وأقول الملهمة قد تكون من خيال الشاعر وقد تكون فكرة توقد فتيل الشعر في عتمة المساء البارد. • من هو شاعر قحطان الأول؟ قحطان ليس لها شاعر محدد وإنما قبيلة تأكل وتشرب شعرا، فهي مليئة بالشعراء ولا يمكن أن نفاضل بين شعرائها، لأنهم جميعا نجوم. • ما سبب تسميتك مخرب؟ كان والدي رحمه الله رئيسا ل«الاخويا» لدى الملك سعود رحمه الله، وقد أهداه الملك سعود مجموعة من الأراضي والحلال فقام الوالد بتوزيعها على أقاربه وأصدقائه ولم يترك لنفسه شيئا، فقالوا لقد خرب فلاح حلاله، بمعنى ضيعه وأنفقه كله، فوصل الأمر للملك سعود فقال من اليوم اسمك أبو مخرب، وعندما رزق والدي بي أسماني مخرب، وهذا ليس اسما استعر منه بل إنه مصدر فخري واعتزازي.