عمر ابنتي أربعة عشر عاما، بدأت ألحظ عليها، امتلاك المال الوفير، وكلما ذهبنا إلى السوق تصرف ببذخ شديد، حتى بدأت أشك في الطريقة التي بواسطتها تمتلك المال الزائد عن ما تتلقاه مني ومن والدها كمصروف يومي لها، وسألتها من أين لها بتلك النقود، أنكرت السرقة وأنه من مصروفها، وبالصدفة اكتشفت أنها تأخذ من مصروف البيت ومن فلوس كانت أمانة عندي لإحدى أخواتي، وواجهتها بذلك، لكنها أنكرت ثم اعترفت بالسرقة وبعد اللوم والتوبيخ طلبت منها ألا تمد يديها بعد اليوم على شيء ليس لها فيه حق، لكن في قرارة نفسي أن ثقتي فيها اهتزت ولم آمن لتصرفاتها فماذا أفعل؟ أم إلهام السرقة في مثل سن ابنتك سلوك يحتاج للوقوف عنده لأن أسبابه كثيرة، فقد يكون لديها شعور بالنقص تحاول أن تعوضه من خلال مشترياتها ومقتنياتها التي لن تستطيع الحصول عليها من خلال مصروفها المحدد لها من قبلك، وبالتالي فهي تحاول أن تسرق للوصول لمثل هذه المشتريات التي تجدها بين أيدي زميلاتها والتي تشعر أنها سبب لعلو مكانتهن في نظرها، وقد تكون السرقة وسيلة لكسب الحب، فهناك الكثير من المراهقات يحاولن شراء المكانة بين الزميلات من خلال الإنفاق عليهن أو من خلال شراء ما يجعلهن يتباهين به من حلي أو ملابس أو سواها، وهناك مراهقات يكون الدافع للسرقة التأكيد على المستوى المالي العالي الذي وضعن أنفسهن فيه عبر القصص المختلقة التي يحكينها للزميلات، وبالتالي يجدن أنفسهن في وضع لا بد فيه من المال حتى تتأكد تلك الصور فيسرقن كي يكون كلامهن مقبولا لدى الزميلات، لأنهن من غير المقبول أن تدعي فتاة أنها بنت أسرة غنية وهي لا تملك المال، أو لا تملك ما تشتري لزميلاتها من أشياء، أو لا تلبس من الملابس الفاخرة ما يكفي لتأكيد هذا الغنى، بناء عليه فلا بد لك من التقرب من ابنتك ومحاولة صنع صداقة معها، وعندها قد تتحدث إليك عما يدور بينها وبين زميلاتها، وتستطيعين عندها اكتشاف السبب الحقيقي لهذه السرقة، وعليك أن تراجعي ما تقدمينه من حب لابنتك فهي ليست بحاجة للمال والملابس والحلي فقط، وإنما هي بحاجة ماسة إلى حبك وتسامحك وحديثك معها ومشاورتك لها في بعض أمورك كي تشعر بأنها صارت صديقة لك وكبيرة ومكان ثقتك، وما لم تشعر بهذا فإن ابنتك قد تسرق في محاولة منها لسرقة حبك، وعليك أيضا أن تتأكدي من أنها لا تغار من أخ لها أو أخت وهذا يتطلب منك مراجعة طرق معاملتك لها ومعاملتك لبقية أخواتها وإخوتها، ومع كل هذا فأنت بحاجة للابتعاد عن أسلوب المقارنة بينها وبين غيرها سواء كانوا أخواتها وإخوانها أو قريباتها وزميلاتها لأن المقارنة تثير مشاعر نقص لدى المراهقات وكذلك لدى الأطفال.