من محاسن الشريعة الإسلامية التيسير على المسلمين في كافة جوانب حياتهم ومعيشتهم فكانت تلك ميزة امتازت بها شريعة الإسلام عن سائر الشرائع.. (لاحرج) زاوية يومية تتناول سلسلة من النماذج النيّرة من سيرته صلى الله عليه وسلم تحوي دروسا مضيئة وممارسات مباحة في التيسير والتسامح ونبذ التشدد والتنطع في الدين يقدمها الفقيه الشيخ الدكتور عبدالإله بن حسين العرفج أقسام التيسير في الإسلام ينقسم اليسر في الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام: أولها تيسير معرفة الشريعة والعلم بها وسهولة إدراك أحكامها ومراميها، ويدل لهذا قوله تعالى: «ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكر» وقوله تعالى: "فإنما يسّرناه بلسانك لتبشّر به المتقين وتنذر به قوما لُدَّا»، ولهذا اليسر والسهولة أسباب متعددة، منها أن أول حملة للشريعة الإسلامية كانوا قوما أميين، ولم يكن لهم معرفة بكتب الأقدمين ولا بعلومهم، وقد جاءت هذه الحقيقة واضحة في كتاب الله قال تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين"، أما نبي هذه الأمة فقد كانت أمّيته دليلا قويا على صدقه في تبليغ كتاب ربه وأنه لم يختلقه من تلقاء نفسه، قال تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون"، ومن أسباب اليسر والسهولة أن هذه الشريعة المباركة هي خاتمة الشرائع السماوية، وهي الشريعة الباقية إلى قيام الساعة، وهي الشريعة الواجبة على جميع البشر في مشارق الأرض ومغاربها، فاقتضت الحكمة الإلهية أن تكون الأحكام الشرعية ميسورة الفهم معقولة المعنى سهلة المأخذ. ومن القصص الدالة على سهولة فهم النصوص الشرعية واستيعابها وإدراك معانيها ما حكاه الأصمعي قال: كنت أقرأ "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم" وبجنبي أعرابي، فقال: كلام من هذا؟ فقلت: كلام الله، فقال: أعد، فأعدت، فقال: ليس هذا كلام الله، فانتبهت فقرأت: "والله عزيز حكيم" بدل "والله غفور رحيم"، فقال أصبت، هذا كلام الله، فقلت له: أتقرأ القرآن؟ فقال: لا، فقلت: فمن أين علمت؟ فقال: يا هذا، عزَّ فحكم،فقطع، فلو غفر ورحم لما قطع. ثاني الأقسام تيسير العمل بالتكاليف الشرعية الكثيرة، فقد تناولت الشريعة حياة الإنسان بكل تفاصيلها ودقائقها، وشرعت له من أعمال الخير ما يعجز عن العمل به كله، فأرشدته الشريعة إلى التيسير على نفسه وعلى غيره، فمما أرشد إليه رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم قوله: "خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا" رواه مالك والبخاري ومسلم وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه، وقوله: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق" رواه أحمد، ولا يتعارض هذا التوجيه والإرشاد مع آيات وأحاديث كقوله تعالى: "كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون" وكقيامه صلى الله عليه وسلم حتى تتفطر أو تتورّم قدماه. رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه، ولكن المعنى أن لا يحمّل الإنسان نفسه فوق طاقتها، بل يتعبّد ما دام نشيطا لذلك، فإذا أحسّ بالمشقة والتعب أراح نفسه ويسّر عليها، ويدل لذلك أنه النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وحبل مربوط بين ساريتين، فقال: "ما هذا الحبل"؟ قالوا: حبل لزينب تصلي، فإذا كسِلت أو فترت أمسكت به، فقال: "حُلُّوه، ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر قَعَدَ" رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن ماجه، وجاء الهدي النبوي موضحا أن أحب الأعمال ما داوم عليه صاحبه وإن قلّ.رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد.