في شهر محرم الحرام سنة 1421ه ذهب والدي معالي السيد معتوق بن أحمد حسنين إلى ربه بعد أن قضى ما يقارب القرن من العطاء لربه وأهله وملوكه ووطنه بكل جد وفخر وأمانة، يشهد له الآن كل من عرف والدي ويراني فيقول لي: أنت ابن المرحوم (بإذن الله) الرجل الطيب السيد معتوق فيكون ردي له بكل معزة وشرف وافتخار: نعم أنا ابن أبي عبد العزيز يرحمه الله. فيأتي رد السائل ليقول: والدك يا عبد العزيز كان من أطيب الناس وأكرم الناس خلقا، الله يرحم أبوك يا عبد العزيز. وهنا بمناسبة مرور عشر سنوات على افتقادي لمن كان أبي وأمي سويا أقول: علمني أبي فكان أستاذي الأول في الإنشاء يكلفني بتبييض مذكراته وخطاباته، ومن أسلوبه الإنشائي تعلمت الكثير على يده حيث إنني لم أتعلم يوما واحدا منذ ولادتي في المدرسة أو من مدرس لغة عربية، فأبي من علمني اللغة العربية لا غيره قط. ومن مكاتباته لي وأنا في خارج البلاد لمدة حوالى ثلاثين سنة عرفت وتعلمت كثيرا من المسائل الفقهية وعنه تعلمت قاعدة هامة استفدت منها كثيرا في حياتي العملية ولا أزال. كان بيت أبي بالنسبة لي بمثابة مدرسة وجامعة وحياة، تعلمت منه الإتقان والتبين في كل أمور الحياة قبل أن أقرر أو أعطي الرأي أو المشورة، فالتبين مني هو لكل الأطراف المعنية أو المراجع العلمية والرسمية وقراءتها وبعد ذلك أتمكن بكل تواضع من إبداء الرأي البسيط على ضوء العلم والمعرفة. علمني أبي الصبر على الشدائد فكنت موضع سره ومنذ العاشرة من عمري كان يعطيني الثقة ويأتمن مني. وعيت كثيرا من دروسه للحياة من الصبر على الضائقات ومن الكفاح في سبيل الحق والعقيدة، كما تعلمت منه أن أمد رجلي على قد فراشي وألا أمد يدي لأحد، يعلمني أن الشيء الذي لا أستطيع شراءه بما عندي لا أحتاجه، وما أكثر ما يعيه الإنسان في الحياة من مدرسته ومن حياته نفسها، ولكن المدرسة الكبرى كانت هي مدرسة أبي لو أعطيناها حقها من العناية والاجتهاد. علمني أبي لأصبح أحد أفراد أمة اقرأ والقلم والقرآن الكريم.. وأختم هذا الرثاء بكلمات كتبتها أيدي حفيداته (بناتي) زهوري الستة وأمهم الغالية (حفظهم الله) قالوا: قلوبنا مع جدنا منذ رحيله عن الدنيا.. نبعث إليك ياجدنا الحبيب رسالتنا هذه التي ملأتها الدموع ولوعة الألم والفراق والشوق.. «إلى جدنا الحبيب» نكتب إليك يا من كنت نورا لدروبنا.. نشتاق إليك شوقا يفوق الحقيقة والخيال.. رحلت ولم تقل لنا وداعا.. كم تمنينا أن نقبل يديك ونضمك بحنان.. ونقرأ سويا الأدعية وسور القرآن.. نتذكر ياجدنا كم لهونا وضحكنا معا؟ نتذكر يا حبيبنا كم مسحت دموعنا وغمرتنا بدفئك؟ أتراك تعلم مدى الفراغ الذي تركته بعد رحيلك؟.. بكينا كثيرا وسهرنا ليالي طويلة ننتظر، فلعل طيفك يمر ذات ليلة.. ويلقي علينا التحية.. قاومنا النعاس الذي غلبنا.. ونمنا.. وفي تلك اللحظة مر طيفك ورسم على خد كل واحد منا قبلة.. أفقنا ودموعنا تسبقنا.. لمنا أنفسنا على غفوتنا ولكن جاءنا صوتك الحنون قائلا: أحبتي لاتحزنوا.. مهما فرقتنا قسوة الأيام سنظل نحبكم. رحمك الله يا أبا عبد العزيز وأسكنك فسيح جناته. فاكس: 6721108 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 189 مسافة ثم الرسالة