يبالغ بعض الكتاب والصحفيين في وصف ما يحصل للمعلمين على أيدي طلابهم من تهديد ووعيد وعدوان آثم، حتى يخيل لمن يقرأ ما يكتب وينشر أن عشرات الآلاف من المعلمين يتعرضون يوميا لمخاطر جمة على أيدي طلابهم وأن أقل وأخف ما يتعرضون له هو التهديد بإلحاق الأذى بهم أو بمركباتهم الجديدة، وأن كل ذلك جاء بسبب منع وزارة التربية والتعليم للعقوبة البدنية (الفلكة ومشتقاتها!) والعقاب المعنوي من نوع يا أبله – ياحمار .. يا بغل والله لن تفلح أبدا؟! وأن الطلاب بعد أن أمنوا تلك العقوبات «تفرعنوا» وأصبحوا يمدون أيديهم وألسنتهم ضد معلميهم الذين أصبحوا يمشون بجوار الحائط ويودعون أسرهم عند الخروج ويتقبلون منها التهاني عند العودة ظهرا سالمين من الضرب والتوبيخ إلى غير ذلك من المبالغات المقيتة؟! وقد سألت زملاء معلمين ومديرين لمدارس ثانوية ومتوسطة عن حقيقة ما ينشر في الصحف من مقالات وتحقيقات ورسوم «كاريكاتيرية» تصور الأحوال البائسة للمعلمين وما يتلقونه يوميا من تهديد ووعيد وإذلال، فنفى العقلاء منهم حصول شيء مما ذكر إلا في حدود الحالات الشاذة جدا وأكد لي أحد هؤلاء المربين أنه يقود مدرسة فيها ما يزيد عن سبعمائة طالب مراهق ونحو أربعين معلما ولم يحصل خلال خمس سنوات من الدراسة سوى حالة واحدة صدرت من طالب ذي ظروف خاصة جدا جرت بينه وبين معلمه ملاسنة وتمت معالجة الأمر بطريقة تربوية وحصره في نطاقه الضيق، أما بقية الحالات المعبرة عن سلوك وتمرد بعض الطلبة المراهقين فإنها تعالج بالحكمة بالتفاهم مع ولي أمر الطالب، ومع الطالب نفسه وأن لدى كل مدير مدرسة وسائل تربوية وعقوبات سلوكية يستطيع بها ردع الطالب الذي يتعدى حدوده وأن المعلم الذي يحترم نفسه ويخلص مع طلابه ويعاملهم معاملة أبوية صادقة فإنه سيجد صدى ذلك في نفوسهم وقلوبهم، وذلك بحمد الله ما ينطبق على معظم المعلمين، أما المعلم الذي يمازح طلابه ويجالسهم في المقاهي، ويسافر معهم ويكشف أوراقهم ويتبادل معهم وينابزهم بالألقاب أو يحقرهم بكلمات وضيعة، أو يستخدم ضدهم القوة المادية أو المعنوية، فإن هذه الفئة من المعلمين قد تعرض نفسها لما يسوؤها وعندها ترتفع عقيرتهم بالشكوى وتصل قضاياهم إلى الصحف فتبدأ في تصوير الأمر بصورة مبالغ فيها أما حقيقة الأمر فإن حوادث الاعتداء على المعلمين إن حصلت إنما هي حوادث نادرة جدا قياسا بأعدادهم وأعداد الطلاب، ولها ظروفها الخاصة ولذلك فلا داعي للمبالغة في تصوير الأمر وكأنه كارثة تربوية بهدف إعادة العقوبات البدنية وكأن جميع أبنائنا حمير؟! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة