تضاربت مقاربة فهم المصطلحات في ندوة «ثقافة العولمة»، التي دعا إليها نادي مكة الثقافي البارحة الأولى في مقره في حي العزيزية، وشارك فيها نائبة رئيسة اللجنة النسائية في النادي الدكتورة خديجة الصبان، والدكتور سعيد السريحي، وأدارها وكيل كلية اللغة العربية في جامعة أم القرى الدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني. ونتج هذا التضارب بعد أن تحدثت الصبان عن ما يسمى «العولمة الاسلامية»، وعادت واعتذرت عن التسمية بتسمية جديدة هي «العالمية الإسلامية». وأثار هذا التراجع انقسام الحاضرين عبر مداخلاتهم، ففيما هنأ البعض الدكتورة على استدراكها واعتذارها، أيد البعض الآخر تسمية «العولمة الإسلامية»، مستنكرين ما تحدثه العولمة الغربية من تأثيرات سلبية على سلوكيات مجتمعنا وثقافته وإرثه. الدكتور سعيد السريحي ذكر في ورقته في مستهل الندوة أنه لا يخجل، ولا يتردد في المطالبة بالحرية، ولا سيما أنه ينتمي إلى «الدين الإسلامي العظيم الذي من أسسه العظيمة (لا إكراه في الدين)». وقارب السريحي مفهوم العولمة بالقول: «إن العولمة بشكلها العام تتناقض وتتعارض مع التيارات والعرقيات، فهي تهدف إلى محو أي انتماءات سابقة، وتتجه لخلق طبيعة وانتماء كوني جديد». واعتبر «أن الصراعات والحروب الحاصلة الآن، هي إما محاولة لمحو قيم الاختلاف، كما هو في اجتياح الدول الكبرى للدول الصغرى، أو على النقيض، محاولة لتكريس قيم الاختلاف، كما هي في الحرب داخل البلد والإقليم الواحد»، مشيرا إلى أن «العولمة والنزعات التاريخية دوامتان خطيرتان تذوب فيهما المجتمعات والدول». ورأى «أن مواجهة العولمة لا يمكن أن تنجح باستثارة عولمات صغرى تستعبد الإنسان بإرثها التاريخي، وإنما ستنجح المواجهة فيما لو حرر الإنسان بجعل الاختيار له في انتمائه وأفكاره». وركزت الدكتورة خديجة الصبان في ورقتها على ما اسمته «العولمة الإسلامية»، إلا أنها عادت واعتذرت عن التسمية. وهو الأمر الذي حضر في المداخلات، حين أشار الدكتور محمد الثبيتي إلى أنها أحسنت بالعدول عن التسمية، وإلا واجهت انتقادات كبيرة. أما الدكتور منير جمعة، فاعتبر في مداخلته «أن مصطلح العولمة الإسلامية لا غبار عليه»، وأضاف: «سمعت في الندوة عن عولمة أخرى، حين وصل لأسماعي أننا يجب أن نكون محايدين أمام هذين التيارين، وأن علينا أن نترك أبناءنا لمن يصل منهما أولا»، شارحا فهمه للعولمة بالقول: «إن العولمة فكر لغوي يريد أن يفرضه الغرب على العالم، لكن الانتماء إلى الإسلام يختلف كليا عن هذا». وأثارت هذه المداخلة اهتمام السريحي، فطلب من الدكتور جمعة أن يختار مكانا مناسبا للجلوس يسمع منه جيدا، نافيا أن يكون الحديث هذا قد صدر منه خلال الندوة. الدكتور إبراهيم السهلي قال في مداخلته: «إن القائمين على العولمة هم المختلفون معنا في الديانة، الذين استخدموا كل السبل والطرائق حتى وصلوا لغزونا عسكريا، ونحن فتحنا أبوابنا مشرعة أمام الغرب ليشكل لنا حضارته على أبنائنا، وتحديدا على اللباس والتفكير». وحظيت الندوة بمداخلات ثرية من الجانبين النسائي والرجالي، ومنها مداخلات الدكتور محمد المريسي، عبد الله العويد، خالد علي سابق، إنصاف بخاري، نائلة لمفون.