«لا هلا، ولا مرحبا، ولا قرب دار».. تقال هذه الجملة في منطقة «نجد» وبعض المناطق السعودية للتدليل على عدم الترحيب بضيف ثقيل، وهذا ما رددته أثناء تأملي خبر سادس إصابة بحمى «الخمرة» في جدة وتحذير المجلس البلدي من «وبائية المنطقة». ماذا يتوقع المسؤولون والمختصون من منطقة تسكنها المستنقعات المائية الراكدة و سوق للمواشي ومحطة صرف صحي تدعم وجود الأوبئة والأمراض ونواقلها، ورغم تحذير رئيس لجنة البيئة والصحة في المجلس البلدي بجدة د. حسين البار من كون جنوب مدينة جدة «منطقة خطرة وموبوءة» بيئيا وكون اكتشاف «فيروس الخمرة» نسبة للمنطقة التي اكتشفت فيها منذ عام 1994م، واعتبارها خطرا بيئيا، والتحذير منها، ثم إعادة التحذير بعد ظهور المرض في نجران منذ ستة شهور، إلى ماذا نحتاج حتى نتحرك بعيدا من فكرة كراسي البحوث العلمية ومراسلة «مركز التحكم بالأمراض في أمريكا»، والتي لا أقلل من أهميتها، وسؤالي هنا يتعلق بالصحة والمصابين وحق الإنسان في «الأمان البيئي والصحي» ولو في حده الأدنى.! أصبح الإنسان يخرج من منزله صحيحا معافى ويعود إليه حاملا الفيروس لينقله للآخرين بسبب بعوضة عابرة للأحياء السكنية..! كنت في جدة الأسبوع الماضي وفي حي الرحاب تحديدا والذي اكتشفت فيه آخر الإصابات بفيروس الخمرة، ولفت انتباهي سائق السيارة إلى أن هناك مستنقعا مائيا بسبب ماصورة مكسورة تركت بدون إيجاد حلول لها، ونحن بعد فاجعة جدة أصبح كل شيء واردا أن يتداعى حتى يصل بنا إلى كارثة إنسانية وتوقع الأسوأ في ظل حالة الإهمال المتتالية وعلى عدة أصعدة ومستويات بيئية وهندسية تتعلق بالبنى التحتية وأبسط مؤشرات تفشي الأوبئة تحيط بنا فلا تنهض باحتوائها خطط «إدارة الأزمات»، كأننا مجتمع بلا خبراء أو جهات قادرة على تطويق مثل هذه التداعيات التي من البديهي أن تشهدها مناطق تصنف بيئيا على أنها الأكثر تلوثا..! لماذا نعيش أجواء «ألف باء إدارة الأوبئة والطوارئ والأزمات» ونحن دولة تبتعث الطلاب لاكتساب العلم وتصرف على تعليمهم أضخم الميزانيات، ولدينا القدرة على تمويل كراسي البحوث مرتفعة التكلفة، ونستطيع استقطاب خبراء إذا ثبت ضرورة تواجدهم، ومع هذا وذاك تستوطن الفيروسات في مناطقنا وتختفي لتظهر دون إيجاد حلول جذرية، ويتصرف المعنيون بالأمر مع كل موجة وبائية وكأن الوباء عندما لا يتحدث عنه الإعلام لن يحتاج إلى الاستمرار في دراسته وفهم ماذا ترتب على ظهوره، ونحتاج أن يظهر مرة أخرى ليعاد بعث الاهتمام فيه وفهم جذور مسبباته، وهكذا اللهم لك الحمد على كل وباء يؤهلنا نفسيا إلى الوباء الذي يليه..! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة