كانت نهاية سهرة جميلة قضيتها بارحة أمس الأول مع فيلم مصري قديم بالأسود والأبيض، هي ضحكات صغيرة بريئة من القلب مع نهاية الفيلم السعيدة التي انتهت بالزواج كالعادة بين أبطال الفيلم. ورغم عدم وجود الألوان إلا أن الممثلة الجميلة «شادية» بأنوثتها الصارخة ودلالها المفتعل أحيانا وخفة دمها وروحها طاغية على الفيلم تتنطط كالفراشة أمام البطل الوسيم «كمال الشناوي» خفيف الروح والدم هو الآخر الذي لا يفتعل الوسامة ولا الأداء مثل ممثلي زماننا هذا. قصة الفيلم لا تحتاج أن أرويها إلى القارئ. فهي مثل الكثير من الأفلام القديمة المملوءة بالبدايات العادية ثم الأحداث المأساوية التي تتخللها مواقف طريفة كالعادة لتنتهى بزواج سعيد وانتصار الحق على الأشرار الذين كان يمثلهم في العادة ممثلون عملاقة مثل «محمود المليجي» وغيره. وفي الفيلم القديم لاحظت أن كثيرا من الأشياء أفضل أو هكذا بدت. فكل الممثلين بماكياج قليل حتى البطلة. والمشاهد مصورة بإتقان والديكورات متعوب عليها كما نقول. والأهم أن التمثيل كان متقنا وعفويا إلى درجة ممتازة بلا أخطاء تذكر. وطبعا مقارنة الأبيض والأسود مع الأفلام الملونة الحديثة ستأتي بمقارنة مجحفة. فكل شيء سيئ اليوم من تمثيل إلى ديكور إلى تصوير، والممثلون كأنهم دمى مصبوغة ووجوههم بالماكياج الفاقع، ونتيجتها أفلام لا تستحق المشاهدة وحتى التسلية معها رغم ألوانها المبهرة! الحياة اليوم ملونة وكل شيء بالألوان حتى السعادة والآلام والاحتفالات والحروب هي الآن بكل ألوان الطيف والطبيعة والصناعة. والواقع أن الفيلم أرجعنا إلى ذاكرة الأسود والأبيض التي نسيناها كثيرا أو محتها الألوان في عيوننا. فأتذكر المجلات والصحف القديمة وأسترجع الآن الصور الفوتغرافية ببياضها وسوادها الجميل. كانت الحياة بصورها وأفلامها والكثير من حياتها يلونها لونان فقط لكنهما أعطيا الدنيا الكثير من البهجة ومن روعة الحياة وبساطتها وروحها وتألقها وصفائها وحتى تخلفها. واليوم أخذتنا الألوان بكل متعتها البصرية والجمالية لكنها تركتنا مع الكثير من المشاهد الباهتة والمملؤة بالكثير من الزيف. [email protected]