إذا عد كرام الأخلاق من جيل الرواد ومعاصريهم فإن الشيخ عبد الحميد مشخص بإجماع معاصريه ومن تعرف عليه من جيلنا هو بين الخمسة الأوائل منهم. تعرفت عليه يوم زارني في عكاظ ليسألني عن الكيفية التي استطعنا الحصول بها على ما نشرته عكاظ من قصائد للشاعر العملاق حمزة شحاتة يرحمهما الله جميعا؟! وعندما أخبرته أن ذلك حصل بواسطة أخي الشاعر محمد صالح باخطمة الذي كان يومها القنصل العام بمصر قال: أنا قلت فالأخ باخطمة هو الأثير عند حمزة. ودارت الأيام ومرت الأعوام التي كنت ألقاه خلالها كلما قدم إلى جدة وأفضل علينا بزيارة عكاظ وأسرتها، أو خلال حفلات العشاء التي كانت تقام بمناسبة قدومه إلى جدة، ولم يكن يمل من الحديث عن العملاق حمزة شحاتة وترديد أشعاره وهو منتش بروائعه. ثم لما ارتفقني صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد العزيز رعاه الله في رحلته إلى القاهرة عام 1406ه كان الشيخ عبد الحميد مشخص لا يكاد يمر يوم دون أن يؤنسني بزيارته والاجتماع بمحبيه من الأصدقاء. وكان للشيخ عبد الحميد رحمه الله مجلس أدبي في منزله يتجمع فيه مساء كل جمعة لفيف من الأدباء والشعراء المصريين في مقدمتهم الشاعر الفكه صانع الفوازير للفنانة شريهان طاهر أبو فاشا، والشاعر محمد التهامي، والدكتور عبد المنعم خفاجي، والدكتور عبد العزيز شرف عليهم رحمة الله جميعا. وفي مناسبتين غير متلاحقتين شرفت بمرافقة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد العزيز في حضور تلك الندوة والاستمتاع بما يدور فيها من أحاديث أدبية، وتاريخية، وفكاهية كان يجيدها الشاعر أبو فاشا ونالت استحسان سمو الأمير تركي الذي شمل الجميع بمكارم أخلاقه وكريم عطائه. ولعل مما يذكر للشيخ عبد الحميد مشخص تغمده الله برحمته أنه عني وتكلف بطباعة بعض مؤلفات العملاق حمزة شحاتة بعد انتقاله إلى رحمة الله وكان منها: (شجون لا تنتهي، وحمار شحاته). كما يذكر للأستاذ عبد الحميد مشخص أنه عندما استطاع الحصول على القصيدة الرائعة التي أبدعتها ريشة العملاق حمزة شحاتة بعنوان «إيزيس» الذي هو عجل ذو صفات خاصة جعله المصريون القدماء رمزا للقوة الحيوانية وهو في القصيدة رمز لحاكم مصري معين .. حمل القصيدة من القاهرة وجاء بها لصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل رحمه الله .. والقصيدة من 280 بيتا ومطلعها: ما اصطباري على الأسى وثوائي وندائي من لا يجيب ندائي جمد الدمع في مآقي يا حب وقر اللهيب في أحشائي عدت من غربتي إلى الليل والفجر لكي يسمعا ترانيم نائي إلى أن يقول: قلمي أنت للطلائع حاد للسرايا من لعلع وقباء لكأني بفجر يومك في الآفاق يمحو الظلام بالأضواء وكأني بالبيت والركن والقبر منارا للسدرة العصماء واليوم وقد وارى الثرى شيخنا الأستاذ عبد الحميد مشخص فإنا لنسأل الله أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته مختتما بالحديث الذي رواه البخاري رحمه الله وفيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قال الله تعالى: «من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب، وما تقرب عبدي إلى بشيء أفضل من أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه. فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن دعاني أجبته ولئن استعاذ بي لأعذته، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه». وإنا لله وإنا إليه راجعون. فاكس: 6671094 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة