بدأت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تخطو خطوات إيجابية في سبيل تطوير أدائها ورسالتها العلمية والمجتمعية والبحثية، وقد استطاعت أن تحقق تقدما جيدا على مستوى الأداء الجامعي العلمي العربي والعالمي بفضل تلك الجهود التي بذلها مديرها والمجموعة التي تعمل معه. وقد سررت كثيرا عندما أنشأت الجامعة كرسيا لحقوق الإنسان بدعم الاستاذ عبد الرحمن الجريسي قيمته ستة ملايين ريال، وهذا الكرسي - بحسب الدكتور سليمان أبا الخيل مدير الجامعة - يعد الأول من نوعه على مستوى الجامعات السعودية، وأكد الدكتور سليمان أن هذا الكرسي يستفيد منه جميع المسلمين في كافة أقطار الدنيا! شخصيا أتمنى أن تتحقق طموحات الشيخ، وهي طموحات كما أرى كبيرة، ولكنني أتطلع إلى أن أرى هذه الطموحات تترجم عمليا في بلادنا بشكل عام وفي جامعة الإمام بشكل خاص بحيث لايبقى فيها أحد إلا وقد أخذ حقوقه كاملة!! مجموعة كبيرة من الغربيين يتحدثون عن حقوق الإنسان في الإسلام بصورة غير منصفة، وهؤلاء يتعمدون أحيانا الإساءة للإسلام، وأحيانا أخرى يكون الجهل بالإسلام وأحكامه هو وراء تجنيهم عليه، ومن هنا تأتي أهمية إيضاح الصورة الحقيقية للإسلام وكيف أنه أعطى كل مخلوق حقه، إنسانا كان أم حيوانا، ولا أعتقد أن دينا آخر تحدث بوضوح عن حقوق المخلوقين كما تحدث الإسلام عنها. في بلادنا جمعيتان لحقوق الإنسان، وفي ظني أن هاتين الجمعيتين لم تقدما الكثير في إبراز هذه الحقوق عمليا للمواطن السعودي، ولعل ما ذكره معالي الدكتور سليمان - مدير الجامعة - من أن أحد أهداف هذا الكرسي «تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع السعودي» يحقق لهذا الإنسان ما لم تحققه الجمعيتان طيلة السنوات الماضية. الذي ألمسه أن معظم الناس في مجتمعنا لايعرفون حقوقهم، وبالتالي فإن كثيرا من هذه الحقوق تضيع، ولو أنهم عرفوها لتغيرت أمورهم كثيرا! الموظف قد يظلم في عمله ولا يعرف ماذا يفعل، والطالب قد لايحصل على حقوقه في مدرسته أو جامعته، وتضيع هذه الحقوق للسبب نفسه. وهكذا نجد ضياعا لحقوق المرأة، زوجة أو أما أو ابنة، ومثله ضياع حقوق الطفل، بنتا أو ابنا، والسبب نفسه، جهل كل أحد منهم بحقوقه، ثم لو عرف هذه الحقوق قد يجهل كيفية الوصول إليها. يجهل المواطن حقوقه - أيضا - وهذا الجهل أصبح واضحا ومؤسفا، يجهل حقوقه عندما يذهب لدائرة حكومية فلا يجد من يحل مشكلته، أو عندما يتأخر هذا الحل لسبب أو لآخر. يجهل حقوقه لو ظلمته جهة حكومية فلا يعرف ماذا يفعل ولا إلى أين يتجه. وهكذا نجد أن الجهل بحقوق الفرد واضح في مجتمعنا، ولعل القائمين على كرسي حقوق الإنسان في الجامعة يكون لهم دور واضح في إبراز هذه الحقوق، نظريا وعمليا، وفي كل منطقة في بلادنا. من حقوق الإنسان في بلادنا أن تختفي ظاهرة التكفير العشوائية التي لاتستند على ضوابط شرعية لأن هذه الظاهرة أخلت بتماسك المجتمع لأنها استعملت بصورة عشوائية مقيتة. ولعل جامعة الإمام أدركت خطورة هذه الظاهرة، وحق الإنسان في تجنبها فعملت على الإعداد للقيام بمؤتمر عالمي يتحدث عن أسباب ظاهرة التكفير وآثارها وطرق معالجتها .. هذا المؤتمر سيعقد - إن شاء الله - في المدينةالمنورة، وسيدعمه سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات المعاصرة، وسيرعى هذا المؤتمر خادم الحرمين الشريفين إن شاء الله. أتوقع أن يخرج هذا المؤتمر بنتائج جيدة، فالظروف الطيبة متوافرة، خاصة أن لجنة الإشراف العليا تضم نخبة متميزة من العلماء والمسؤولين منهم: الدكتور عبد الحميد أبو سليمان والدكتور محمد بن علي العقلا مدير الجامعة الإسلامية التي سيكون لها حضور قوي وفاعل في هذا المؤتمر بالإضافة للدكتور سليمان أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومعالي الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار وزير الداخلية. إذن .. نحن بانتظار نتائج عملية واقعية نراها حية في واقعنا، حقوق «مصانة» لكل أحد، واختفاء الظواهر السلبية من مجتمعنا وأهمها ظاهرة التكفير العشوائية التي لاتستند على دلائل شرعية. الشكر لجامعة الإمام على تحركاتها الإيجابية والشكر - قبل ذلك - لحكومتنا على دعمها لكل الأعمال الجيدة، والشكر لكل أثريائنا الذين يضعون جزءا من ثروتهم لخدمة مجتمعهم وبلادهم. * أكاديمي وكاتب للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة