انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    «الأونروا» : النهب يفاقم مأساة غزة مع اقتراب شبح المجاعة    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    م. الرميح رئيساً لبلدية الخرج    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «الأنسنة» في تطوير الرياض رؤية حضارية    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    إطلالة على الزمن القديم    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تخيفني شظايا المعارضين ومنهم من يؤيدني سرا
لم أكن مطواعا في الصغر وما زلت محاربا وعنيدا على كبر .. الدكتور محمد آل زلفة لعكاظ:
نشر في عكاظ يوم 01 - 01 - 2010

لم أصل إلى قناعة مطلقة ونتيجة واضحة المعالم لما يريد أن يصل إليه الدكتور محمد عبد الله آل زلفة أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الملك سعود وعضو مجلس الشورى سابقا بعد حوار المواجهة الذي استمر لأكثر من ساعتين معه.. فالرجل الذي وسم بتبنيه لقضايا المرأة وعلى رأسها قيادة السيارة يضرب في كل اتجاه ويعزف على أكثر من وتر .. فتارة يهاجم المتشددين وفجأة تجده يدخل معهم نفس الخندق من زاوية أخرى.. اعترف بأنه لم يعتد أن يكون مطواعا منذ طفولته وتشرب الصورة العملية للعناد والمشاكسة أثناء دراسته في جامعة كمبريدج في الولايات المتحدة .. أعلن لأول مرة أن له مؤيدين في السر من بين المعارضين له لكنهم لا يجهرون برؤاهم الشخصية.. قال بإنه لا يخاف من دعاء المصلين عليه في المساجد لأنه لم يرتكب ذنبا، وصرح بتأييده لفتوى شيخ الأزهر بشأن الحجاب دفاعا عن أمه وزوجته وأخواته .. حوار مليء بالضجيج والعناوين ومحطات التعثر والوقوف حاولت قدر المستطاع أن تنشر تفاصيله على طريقة (لا ضرر ولا ضرار) ممسكا بخيط البداية لحياة بدوي يتيم مازال محاربا لم يلق سلاحه بعد، ويعيش في عقده السابع حياة على كف عفريت.
لم أنشأ مطواعا منذ طفولتي وكنت لا أفعل أمرا على خلاف إخوتي لست مقتنعا به، وقد توفي والدي وأنا صغير فشعرت بحمل المسؤولية مبكرا، ولأن مشيخة المنطقة محصورة في أخوالي فقد ارتبط في ذاكرتي ما أسمعه في مجالسهم من مصادمات بين أهالي المنطقة والعثمانيين، ولا أنسى البيوت التي شاهدتها محروقة ومهدمة كل يوم نتيجة القصف المدفعي فتولد في داخلي شعور وتساؤل دائم بضرورة معرفة تفاصيل الماضي ولماذا حدثت هذه الحرب، ونظرا لوجود متوسطة واحدة فقط يكتظ فيها كل أبناء المنطقة آنذاك في أبها عام 1379ه وجدت نفسي مغتربا عن أهلي مع أن المسافة بيني وبينهم لا تتجاوز خمسين كيلو مترا فقررت أن أذهب إلى الرياض حيث يوجد أحد إخوتي هناك، وبعد وصولي مباشرة بحثت عن عمل لأحمل عن أمي وأخي مصاريف إعالتي فعينت في وظيفة في جوازات الشرقية، واكتشفت بعد ذهابي لمباشرة العمل أن الوظيفة في النعيرية التي لم يكن فيها تلك الأيام نفاخ النار، فذهبت لمكتب مدير الجوازات الشيخ الفاضل إبراهيم المطلق رحمه الله وشرحت له هدفي من العمل وطلبت منه أن يساعدني بوظيفة تعينني على إكمال دراستي، فعينني في وظيفة مسائية على أن أدرس في الصباح ووفقني الله وأكملت دراستي ولله الحمد إلى أن التحقت بالجامعة فسلكت طريقي في نفس التخصص ومازلت أدعو لهذا الرجل بالخير إلى اليوم.
• الغريب أنك متخصص في التاريخ وكل معاركك الجدلية والفكرية تدور حول المرأة، فهل بحثت عن الشهرة على حساب قضاياها، أم ماذا؟
من الخطأ أن نقول للمؤرخ، ابق مؤرخا فقط، ثم ما الذي تضيفه لي الشهرة إذا تحدثت في شأن عام، ومن المؤسف أن ينقلب الحوار إلى ساحة حرب بسبب رفض البعض لرأيي في موضوعات غير مألوف أو مسموح الحديث عنها.
• وما الذي تفعله الآن بعد الضجيج الذي أحدثته في الشورى على مدى اثني عشر عاما؟
سئلت قبل أيام نفس سؤالك فقلت إنني في استراحة محارب.
• ألم يحرقوا أوراقك؟
هم أرادوا ذلك، ولكنهم لا يعلمون أنني محارب ولا تخيفني شظايا المعارضين التي تأتي من هنا أومن هناك.
• كانت معارك قاسية؟
ومازالت، ولكن أتمنى أن تؤدي إلى الخير.
• وهل أنت وصي على قضايا المرأة؟
لا، لست وصيا ولكنني ابن هذا الوطن، والمرأة تشكل 50 في المائة من مجتمعي وإذا لم تتحدث المرأة عن قضاياها فمن يتحدث، وهل يعقل أن نعيق نصف المجتمع بسبب تسلط آراء فردية لفلان أوعلان فقط.
• لكنك تأمر الناس بالبر وتنسى نفسك؟
كيف.
• قلت إن على قنوات الفتوى أن تعود إلى من هم أكثر علما وفضلا، ولم تفعل نفس الشيء عندما تبنيت موضوع قيادة المرأة للسيارة وهمشت رأي العلماء؟
العلماء قالوا كلمتهم بأن قيادة المرأة للسيارة ليست حراما، ولكن عندهم بعض المخاوف والمحاذير كما كان عندهم ذلك بشأن عدد من قضايا المجتمع، ومنذ عهد التأسيس وإلى الآن وما من موضوع يطرح إلا ويكون محل اعتراض وخلاف ثم يسمح به، هناك قنوات دينية مخيفة بعضها يتكسب باسم الدين والبعض الآخر يمارس الدجل والشعوذة والكذب، وأنا لا أقصد القنوات التي تبث الوعي للناس كل على مذهبه.
• وهل المرأة فقط في قمة أولوياتك؟
بل كل قضية تهم المجتمع لها أولوية عندي.
• مثل التدخل في الحرية الشخصية للمسؤولات ومطالبتك بكشف وجههن؟
هن نساء يمثلن شريحة كبيرة من المجتمع.
• ولكنك لست وليا أو محرما لهن لتقرر هل يكشفن وجوههن أم يغطينها؟
هذا صحيح، ولكن مناسبة مؤاخذتي عليهن عندما قالت إحداهن (أنا بنت عائلة ونجدية أصيلة)، فهل يعني كلامها أن اللاتي لا يغطين وجوههن في مناطق أخرى من النساء لسن أصيلات وليس لهن عوائل أو جذور لأنهن يأخذن بالفسحة التي أعطاها لهن الشرع في مسألة مختلف فيها فقهيا بين العلماء.
• يادكتور.. أنت تمارس إسقاطات مبالغ فيها لتبرر تدخلك فيما لا يعنيك باسم الدفاع عن قضايا المرأة؟
أبدا، وخذ عندك مثالا الدكتورة خولة الكريع التي كرمت من قبل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله قبل أيام، والدكتورة ثريا عبيد التي تمثلنا في أعلى منابر العالم، فهل كشفهن لوجوههن يعني أنهن لسن أصيلات، يا أخي أنا أتذكر أمي وزوجتي قبل أن أتزوجها وكل أخواتي وكل بنات منطقة عسير من جنوب الطائف إلى حدودنا الجنوبية لا عندهم غطاء ولا شيء، فهل ننظر لهن من هذه الرؤية وما سيحصل لمن مات ومن هن على قيد الحياة ونظل نستغفر لهن لأنهن كشفن وجوههن، وبالله عليك هل سنعود إلى نفس عقلية التفكير التي يرفض بسببها ابن عم الفتاة التي كانت تدرس في الخارج ومتمسكة بحجابها وكرامتها وعفتها الزواج بها لمجرد أنها كشفت وجهها في مسألة مختلف فيها.
• كأنك تؤيد ما سمعناه من فتوى لشيخ الأزهر بشأن النقاب؟
أنا لا أؤيده فقط، بل أعتقد بصحة ما قاله الشيخ محمد سيد طنطاوي من أن النقاب عادة وليس عبادة ولو من باب الانتصار لأمي وزوجتي وأخواتي اللاتي لم يعرفن الغطاء إلا من فترة قريبة.
• وزدت الطين بلة بتأييدك وزير الثقافة المصري أيضا في مسألة نزع الحجاب؟
كلامي فسر بطريقة أخرى لأن الوزير دخل على فصل دراسي في أحد معاهد الأزهر لطالبات لا يتجاوز سنهن العاشرة فرأى بينهن طالبة متنقبة متأثرة بعلماء العوام، فقال لها: يا ابنتي لماذا تلبسين هكذا، وأنت صغيرة، فقالوا إنني أؤيد نزع الحجاب.
• هناك من قال إنك خسرت بهذه المواقف منصبا كبيراً؟
لا يهمني هذا الأمر أبدا، وأنا أعتز بمجلس الشورى ولكنني لم أكن عضوا لأقول ما يريده غيري، والذين صمتوا ضيعوا عمرهم في المجلس، فأنا لم ولن أجعل التطلع إلى وظيفة أو منصب أو مكانة عائقا أمام ترجمة أو إيصال أفكاري التي أؤمن بها وأنها في مصلحة الوطن واستقراره، وصدقني لم أخسر شيئا ولن أعترف بأي خسارة.
• أليس لديك أولويات في المجلس عدا قيادة المرأة للسيارة؟
المعارضون لي والمتشددون ضد أطروحاتي أرادوا أن يضعوني في هذا الإطار الواحد، ولكن للأمانة فلو نشرت جلسات المجلس على مدى اثني عشر عاما من وجودي كعضو في أكثر من لجنة لرأيت أنه لم تكن هناك قضية تهم المجتمع إلا وطرحتها، حتى القضايا التي يتحدثون فيها اليوم عن عدم تمكين المواطن من أن تكون له أرض ومنزل لكي نقضي على مانسبته أكثر من 70 في المائة من السعوديين الذين لايمتلكون بيوتا للسكن.
• وهل المعارضة لك تتحول إلى إرهاب فكري كما وصفتها؟
يا أخي لم يتركوا شيئا في عرضي ومكانتي إلا وأشبعوني فيه سبابا، هددت بقتل زوجتي وبناتي، والبعض أنكر أن يكون عندي بنات أصلا، وهناك من طالب قبيلتي بالبراءة مني، بل ووصلت بهم الجرأة لأن يطلبوا سحب جنسيتي السعودية مني رغبة منهم في أن أحتجب، بل دعوا علي في المساجد بأن يهلكني الله وأن يجمد الدم في عروقي، وهناك من قال «شوفوا لنا هذا أيش مذهبه» مع أنني شافعي فهذا مستوى حوارهم وفكرهم، ولكنني مهما قالوا أو تكلموا فأنا مسامحهم.
• ألم تخف من دعوات المسلمين عليك؟
أنا لا أخاف إلا الله ولم أرتكب ذنبا لكي أخاف من دعواهم ودعائهم، ولو وجد ولاة الأمر أن حديثي عن هذه القضايا يتطلب منعي من الظهور في الإعلام لفعلوا ولكن الجميل أنهم تركوا الأمر للنقاش من منطلق إيمانهم بالحوار وطرح الرأي والرأي الآخر، فلماذا يتضجر منه بعض الأفراد.
• البعض يقول إنك مدفوع من جهة ما لتدندن على وتر قضايا خلافية، وتثير غبارا في كل اتجاه؟
لم ولن أكون يوما مطية لأحد كبيرا كان أم صغيرا، وأنا بكل بساطة أعبر عن آرائي وما أؤمن به ولست نادما على شيء، والله سبحانه وتعالى يعلم أنني لم أستفد من وراء ما طرحت من آراء أية مكاسب مادية إطلاقا.
• الملاحظ أنك تتهرب من الرد على الذين عارضوك؟
أنا لم أتهرب من الرد ولم أرد على أحد أبدا.
• لأنك لست ضليعا بالأدلة الشرعية؟
لأن ما يقال كلام مكرر سمعناه من زمان.
• هذا كلام أهل العلم؟
ما قاله العلماء إن قيادة المرأة للسيارة ليست حراما، وماعدا ذلك مجرد اجتهاد في تفاصيل.
• يبدو أن لديك حساسية شديدة من آراء العلماء وطلبة العلم؟
أبدا، والله ليس لدي هذا الشعور فأنا إنسان مؤمن ولست مؤدلجا.
• ماذا تقصد بالأدلجة؟
على طريقة من قال بأن «من تحزب خان» فلم أكن مؤدلجا في يوم من الأيام وأكره هذه الأدلجة.
• يعني إذا لم تكن قوميا ولا سلفيا ولا إخوانيا، فأين تكون؟
أنا مسلم مؤمن بالإسلام وكل ما ورد في مصادره الأساسية في القرآن والسنة النبوية المؤكدة، وأنا في الوقت نفسه قومي أعتز بعربيتي، ولست إخوانيا لأن الإخوان يريدون أن يجعلوا الإسلام فقط من منظورهم.
• لم تنجرف مع القوميين العرب؟
أبدا، ومنذ أن كنت في الصف الأول المتوسط انقطعت بيني وبين شعاراته أية صلة والحمد لله، ثم وجدتهم في أمريكا عندما ذهبت للدراسة وانضم إليهم كل من فرح بحزبه من العرب والإسلاميين.
• وكيف تنظر للحوار الوطني؟
لايشغلني عدم دعوتهم لي عن الهدف الأساسي والإيجابيات المتوقعة التي يمكن أن نجنيها منه، لكنني أحذر من التصرفات التي تعكر أجواءه كما حدث أخيرا في الأحساء من تشدد بعض من يجلسون على طاولة الحوار من النساء والرجال معا وتحت سقف واحد للخروج بتوصيات مشتركة بشأن قضايا عديدة وعدم ردهم السلام على الأطراف الأخرى من المتحاورين بسبب مسألة كشف وجه وما شابه ذلك، فأي اقتداء بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم يطبقه هؤلاء، ألم يعرفوا أن المحتسبة الأولى في الإسلام التي عينت من قبل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كانت امرأة، ومن قال أنه لابد أن تكون لها مواصفات في الشكل .. لكنني رغم كل هذا فلاشك عندي بأن السنوات الخمس الماضية شهدت تطورا كبيرا في هذه القضايا ولم يعد محمد آل زلفة فقط من يتكلم في هذه القضايا، بل أصبح بعض العلماء يتحدثون الآن فيما كنا نتحدث فيه.
• أصبحت تستشهد بكلام المشايخ؟
لأنني لا أقول إلا ما يتفق مع الإسلام.
• من هم المشايخ الذين تعنيهم؟
أنظر إلى وزير العدل والشيخ الغامدي وما قالاه بشأن الفرق بين الاختلاط والخلوة وأنا أحيي كل الرجال الذين طرقوا الموضوع بعقلانية، وأعتقد أن ما قيل يثبت أن مجتمعنا بدأ يتفهم ويتغير.
• تقصد أن لك مؤيدين من المشايخ؟
أقولها لك بصراحة هناك منهم من يخفي رؤيته الشخصية المؤيدة لقضايا طرحتها ويتوارى خلف الفتوى الشرعية خوفا ممن يتعامل معهم أوخوفا من أن يقول المجتمع إنه قال كذا وكذا، وأعتقد أن العالم الرباني لايخاف إلا الله ومعرفته بالعلم الشرعي تتطلب منه أن يخفف على الناس في اقتصادهم وحياتهم وسلوكهم، والإسلام لم يأت ليزرع الخوف في قلوبنا وإنما ليعمرها بالإيمان لنكون أقوياء في مواجهة الحياة وصناعتها.
• كأنك تشير إلى وجود حاجز بين مانقول من ضوابط ومانفعل من سلوك؟
معظم شبابنا يعيشون حالة انفصام بين مايسمع ومايريد أن يفعل، وأعتقد أن هذه المسافة من التردد خلقت جيلا لديه تراكمات نفسية، لدرجة أن أصبحت مشاهدة فيلم أومسرحية مرتبطة بمايقوله فلان أوعلان، والدليل أن هناك فتوى ضد مسلسل طاش ماطاش ورغم هذا فهو يحظى بأكبر نسبة مشاهدة من السعوديين كل عام، ولويعلم العلماء مايسببونه للشباب من مشكلات لغيروا خطابهم لما يجعل من الإنسان واثقا في دينه وتعاملاته.
• تقصد أن هناك وصاية؟
نعم.
• والمطلوب؟
فتح منافذ الثقافة التي يقرها علماء البلاد في كل المجالات، فالمسألة ليست حكرا ودعني أتساءل .. لماذا تكون جمعياتنا الخيرية حكرا على فئة معينة وبمواصفات معينة أيضا وكأنهم وحدهم الذين يفعلون الخير مع أن كارثة جدة أثبتت لنا أن شعبنا خير بشبابه وشاباته الذين تطوعوا لتخفيف آلام الأسر والأفراد المتضررين، والعمل التطوعي من الموضوعات التي شددت على مناقشتها في مجلس الشورى لغيابه في مجتمعنا.
• البعض يتساءل عن أسباب إيقافك عن الكتابة في بداياتك؟
هذا الكلام حصل عام 1968م عندما قمت لأول مرة برحلة خارج البلدان العربية إلى كل من فرنسا وإسبانيا وأستراليا واليونان، فطلب مني أحد أصدقائي في مجلة الدعوة أن أكتب لهم عن رحلتي في كل بلد فكتبت مجموعة مقالات تحت عنوان (تأشيرة سفر) وعندما كتبت عن أثينا على ضوء فلسفة اليونانيين، فالإخوة في المجلة قالوا مادام هذه بدايته فأريحونا منه.
• قد يكون معهم حق خصوصا بعد أن توقفت مرة أخرى عن الكتابة في الصحف إثر وصولك لمجلس الشورى ويبدو أنك حققت مبتغاك؟
هذا غير صحيح، فقد كنت أكتب في العديد من القضايا لوجود متسع من الوقت لدي، ومازلت متوقفا رغبة في إنجاز ما لدي من أعمال بحثية متراكمة.
• أو أن أحلامك تبخرت بأن تصبح في منصب كبير؟
لا يشغلني هذا الموضوع أبدا.
• استغرب الكثيرون مستوى حوارك مع النجيمي الذي وصف بأنه غير لائق .. لماذا؟
تمنيت أن لا نصل إلى تلك اللغة الجارحة في حوارنا، لكن الصديق والزميل محمد النجيمي.
• مازال صديقا؟
بدون شك ونحن نلتقي في مناسبات عديدة والنجيمي كشخص تتعامل معه عادي وبسيط ونتحدث في قضايا عندما نجلس سويا أكثر مما نتحدث بها في الإعلام، لكن مشكلته أنه عندما يظهر في محطة فضائية أو منبر إعلامي أفاجأ بأنه ليس نفس الشخص الذي كنت أحاوره وأرجو أن يعبر النجيمي عن ما يؤمن به بصدق.
• أنت أيضا لم تترك قناة إلا وخرجت فيها، فهل يدفعون لك مقابلا لذلك؟
يخطئ من يظن أنني أبحث عن وسائل الإعلام للترويج لأفكاري، بل على العكس فهي التي تبحث عني، ولا أذكر أنني ذهبت إلى قناة بما فيها القناة السعودية إلا بإلحاح منها، ولا أذهب إليها إلا من خلال قناعتي بأن هناك فائدة من ظهوري، ولم أشترط أي مقابل، بل إن التلفزيون السعودي أعطاني ظرفا مرة واحدة وتمر أكثر من عشر مقابلات دون أن يعطوني شيئا.
• لوطرقت معك باب التاريخ الذي تخصصت فيه، فلماذا أوقفت الدارة كتابك عن تاريخ الجزيرة العربية ؟
الدارة ردت لي بحثا لأنه يحتوي على معلومات جديدة من منظور مراقب آخر غير مراقبنا المحلي، وأرجو أن لايكون فيها موقف شخصي.
• عندك مشكلات سابقة معهم تثير مخاوفك؟
الدارة تقوم بعمل كبير، ولكنني أركز دائما على أننا بحاجة إلى أن نكتب تاريخنا ونبنيه على مصادر من الوثائق الوطنية من خلال أرشيف وطني يجمع كل وثائق الدولة في مكان واحد ويعين له جهاز كبير جدا ونظام واضح يحدد كيفية الاستفادة من هذه الوثائق لأن الأرشيف الوطني أكبر من الدارة وهذا أمر معروف في كل دول العالم.
• والمفترض أيضا أن يرفع الستار عن الوثائق كما يحدث في بريطانيا كل خمسين عاما مثلا؟
المؤرخون البريطانيين قاتلوا لتخفيض السنوات إلى ثلاثين سنة، ولكن هناك أمور سرية ينبغي حجبها تتعلق بالأمن الوطني وأنا أقف مع هذا الاتجاه، لكنني لا أرى مايمنع من الكشف عن وثائق ليست لها حساسية أمنية ولا تهم الرقابة.
• تقصد رقابة وزارة الثقافة والإعلام؟
نعم، وقصتي مع الوزارة تروى فقد سبق لهم أن أوقفوا لي كتاب (تاريخ عسير في عهد الملك عبد العزيز ودورها السياسي والاقتصادي والعسكري في بناء الدولة الحديثة دراسة وثائقية) بدءا من العنوان الذي أخافهم إلى الوثائق التي وجدناها مهملة في أقبية وأماكن متفرقة من عسير واستخرجناها بمساعدة الطيبين، فقال الإخوة في الرقابة إنه كتاب قبائلي ويسبب لهم مشكلة، والحقيقة أن الفضل لله سبحانه وتعالى ثم للأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله في طباعته عندما كتب لوزير الإعلام حسن الشاعر وقال له: ينشر الكتاب على مسؤوليتي فبارك الله فيه ومنحه الصحة والعافية، ومازلنا نعول على سمو الأمير سلمان المحب كثيرا للتاريخ والمؤرخين بأن لا يجعلوا قيودا أكثر من اللازم على كتابة تاريخنا الوطني من خلال وثائقنا الوطنية لأن تاريخنا يجب أن يكتب من الداخل.
• في هذا الجانب، هل يوجد في الأرشيف العثماني مثلا ما يساعد على توثيق تاريخنا الوطني؟
لولا كنوز الأرشيف العثماني الذي يحوي وثائق لم أكن أتصور أنها موجودة لما أنجزت رسالتي للماجستير والدكتوراة، فقد اكتشفت كنوزا عن الدولة السعودية الأولى لا أول لها ولا آخر، ولا يستطيع أحد أن يكتب عن تاريخ الحجاز دون الرجوع للأرشيف العثماني وإلا سيصبح ما يكتبه ناقصا، والأمر نفسه مع المنطقة الشرقية وعسير والمناطق المجاورة مثل اليمن والبحر الأحمر.
• ولماذا اختلفت مع الشيخ حمد الجاسر رحمه الله حول كتابة التاريخ السعودي؟
الشيخ حمد كان متحفظا في كتابة التاريخ الحديث على الوثائق وكتب لي رسالة موجودة عندي يستنكر استنادي إلى وثيقة من الأرشيف العثماني عن الدولة السعودية الثانية في بحث لي وقال لي: احترس من الوثائق فقد تكون مزورة، وأنا لا أعتقد أنها كذلك، خصوصا أن هناك وسائل جيدة وخبراء يعرفون المزور من الأصلي، فالتخويف من تزوير الوثائق كلام غير منطقي، وأستطيع أن أقول لك إن لدينا أرشيفا عسكريا كبيرا، لكنه لم يكتب بعد كتاريخ منذ الإخوان إلى الهجانة إلى بداية الجيش النظامي، كما أستغرب أن وثائق مجلس الشورى القديم موجودة ومازال هناك من يقول بأنه ليس من حقنا الاطلاع عليها، وفي سراديب وزارة المالية ملايين الوثائق المكدسة في الأكياس التي يمكن أن تضيع بولعة كبريت، كما أن في وزارة الخارجية التي تعتبر من أوائل الوزارات التي أسست مئات الآلاف من الوثائق وقس على ذلك في كل الوزارات فالحاجة ملحة إلى أرشيف وطني كبير ولا يمكن للدارة أن تقوم بهذا الدور لأنها تعمل كمركز أبحاث متخصص، وللأسف أن الباحثين والباحثات في المملكة يهربون إلى قضايا بعيدة ويكررون نفس الكلام الذي قاله حافظ وهبة وملحس وغيرهم.
• أين هم الباحثون الذين تتحدث عنهم يادكتور؟
بصراحة يجب أن نهيئ أبناءنا لهذا الدور، ولك أن تتصور أن 80 في المائة من العاملين في قسم التاريخ في جامعة الملك سعود تجاوزوا سن المعاش من الإخوة المتعاقدين وليس لدينا بدائل لهم، فأنا أتفق معك أننا بحاجة إلى عمل كبير في هذا الاتجاه.
• ما مدى أهمية وثائق سليمان كمالي باشا التي حصلت عليها؟
هذا رجل عظيم، ومن الصدف أنه خدم في اليمن وعسير والشام والبصرة وماترجم من وثائقه في حياته عام 1928م كان ينشر في جريدة الأهرام والفضل للشيخ حمد الجاسر في نشره لها على حلقات في مجلة العرب فأنارت لنا الطريق وكنت أقرأها تلك الأيام وأنا في الصف الأول الثانوي، ويكفيك لتعلم أهميتها أنني جهزت ثلاثة مجلدات معتمدا على وثائقه بشأن محادثاته مع الملك عبد العزيز بشأن الأحساء وشرق الجزيرة العربية.
• وما كتبه كمال صليبي عن منطقة عسير؟
كمال صليبي ممن قرأ التوراة والإنجيل جيدا، فجاء إلى منطقة عسير بحثا عن أسماء المواقع، وقال إنه عندما اطلع على معجم البلدان وأسمائها الذي وضعه الشيخ حمد الجاسر وعبد الله بن خميس وحمد الجنيدل وجد في الجزء الخاص بعسير أسماء قريبة من الأسماء التي وجدها في التلمود، وهذه اجتهادات وكلام غير موثوق ورد عليه كبار المؤرخين في حينه.
• سمعت أنك معترض وبشدة على مسيرات العفو بين قبائل المنطقة؟
نعم اعترضت على العفو عن القتلة الذين في حكم الصائلين الخارجين عن القانون والطائشين الذين لايتورعون عن قتل أي إنسان لأتفه خلاف أو تحت تأثير شيء من المسكرات والمخدرات أوالعصبيات والعنتريات فهؤلاء كلهم لماذا تجمع لهم الحشود ويذهب من أجلهم الوسطاء ويعطل الناس أعمالهم ويبالغ في إعتاق رقابهم، نعم ندافع ونبذل العفو لمن دافع عن ماله أو أهله أو عرضه أما هؤلاء المجرمون فيجب أن ينالوا قصاصهم، وفي الوثائق التي وجدتها قبل قيام الدولة السعودية أنه إذا اعتدى أحد من قبيلة على آخرين بدون وجه حق فإن قبيلته تتبرأ منه وإذا قتل فلايلحق قاتله شيء من الدم، فكيف نأتي اليوم بهذه الحشود التي تذل أحيانا من قبيلة القتيل بسبب فتى طائش اعتدى على الآمنين بدون وجه حق، أنا ضد هذا الكلام وأطالب بتنفيذ القصاص في حقه لأننا سنتخلص من عنصر فاسد في المجتمع وأتمنى أن يعاد النظر في هذه المسألة، ومع أن خادم الحرمين دعا إلى أن لاتتجاوز الدية خمسمائة ألف ريال إلا أننا نرى أمورا مبالغا فيها وبشكل غير عقلاني.
• دكتور.. البعض اعتبر رأيك في الانتخابات البلدية غير واقعي؟
لأن زميلنا محمد النجيمي شوه فكرة الانتخابات البلدية، وعندما نتحدث في أي موضوع يقول: أنظروا هم الأقلية فلاقيمة لهم، ونحن الذين اكتسحناهم في الانتخابات البلدية، مع أن التجربة جيدة وجميلة، ولكن يبدو أن الإخوان تداعوا وناصروا بعضهم بدليل أنه ليس من الصدفة أن يظهروا في الرياض وجدة وغيرها من لون واحد، وأنا كرجل ديموقراطي أرى أنه يجب أن نثقف مواطنينا أولا بحق وصدق الاختيار وثقافة الانتخاب على ضوء البرامج وصلاح المرشحين.
• مع أن الكثير يرون أن المجلس البلدي في الرياض مر بتجربة ناجحة؟
أنا حزين لأني لا أراهم يتحدثون إلا في الأعياد، وفي مدينة الرياض خمسة ملايين مواطن بحاجة إلى الترفيه في العيد فنفاجأ بأن بعض أعضاء المجلس البلدي تحولوا إلى أعضاء للنهي عن المنكر ومحاربة كل مايدخل السعادة والسرور على أبناء المنطقة التي انتخبتهم وهذا شيء مؤسف.
• هذه تصويبة في الثمانيات على قول أهل الكرة؟
نعم، يعني كسبنا المباراة بهدف وثلاث نقاط.
• ما زال هناك شوط ثان يادكتور؟
أعتقد أنها مباراة لن تنتهي أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.