حملت أسرة الطبيب طارق الجهني ضحية الخطأ الطبي، المستشفى الخاص والطبيب الجراح وطبيب التخدير سبب وفاته، خصوصا وأن الطبيب المسؤول عن العملية لم يراع الزمالة بتوفير العناية اللازمة للفقيد الذي وثق به كثيرا، خصوصا وأن هذا الجراح له مركز إداري مرموق في المستشفى وكان باستطاعته توفير العناية الكاملة أثناء التخدير. وكشفت ل «عكاظ» أستاذ مساعد واستشارية جراحة التجميل في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتورة نادية حسين بندقجي شقيقة زوجة الدكتور طارق الجهني، أن الفقيد لم يزره أحد قبل دخوله غرفة العمليات سوى طبيب تخدير عرف نفسه بأنه طبيب مقيم، أوضح له أن من يقوم بتخديره هم استشاريون كبار، وأعطى طارق حقنة منومة قبل إدخاله لغرفة العمليات، وأضافت «أخبروا شقيقتي أن العملية تستغرق ساعة واحدة فقط». وقالت، «استمر الانتظار مدة ثلاث ساعات، عندها ساور الشكوك شقيقتي، وسألت عما يحدث في غرفة العمليات، فأبلغوها أن العملية لم تجر لطارق لأنهم وجدوا صعوبة في وضع الأنبوب وهو في حالة جيدة، ومع هذا لم يخرج طارق، فطلبت شقيقتي الجراح المسؤول عنه، وبالفعل جاء الجراح المسؤول ومعه أمن المستشفى، حيث أخبرها بوجود مشكلة حدثت أثناء عملية التخدير، إلا أنه في حالة مستقرة وسيصحو بعد وهلة، بعدها خرج طارق من العمليات وهو في غيبوبة تامة ويتنفس عن طريق جهاز التنفس الصناعي وجسمه في حالة تشنج كاملة أدخل إثرها العناية المركزة». وتضيف، «بدا واضحا أن الصورة التي وصفوها لشقيقتي كانت مختلفة تماما، واستمرت التشنجات لساعات طويلة دون أن يتمكن الأطباء من وقفها خصوصا وأن استمرار التشنجات يشكل مشكلة كبيرة تدمر باقي خلايا المخ، لم يظهر الجراح أثناء هذه الساعات القاتلة في العناية المركزة التي تصرخ فيها أختي وأهله ولا يعرفون ماذا يحدث، ما اضطرنا لنقله لمركز عمله في المستشفى التخصصي، قام خلالها أطباء العناية المركزة بتبريد جسمه بهدف أن تتوقف التشنجات، واستمر في غيبوبة لمدة 21 يوما إلى أن انتقل إلى رحمة الله في يوم الخميس الموافق 17 ديسمبر 2009، حيث أظهرت الأشعة المقطعية تدميرا شاملا للمخ». وتواصل الدكتورة نادية حديثها، «علمنا بعد عدة أيام أن الذي خدر طارق طبيبة تخدير جديدة في المستشفى لم يتعد تواجدها يوما واحدا ولم يتم فحص أوراقها بعد، عندها تفاقم لدينا الشعور بأن طارق تم التعامل معه باستهتار شديد، فقد ذهب إلى المستشفى الخاص متجاهلا التحذيرات الكثيرة التي كانت تدعوه أن لا يفعل، وكان جوابه إن الجراح زميله وقابله في المستشفى التخصصي وسيوفر له أفضل الظروف». وتتساءل بندقجي، عن المتسبب في الكارثة، هل هو الجراح أم المستشفى أم طبيبة التخدير ؟! إلا أنها تستدرك وتقول: من الناحية الطبية هم الثلاثة مسؤولون في فقداننا طارق، فالجراح هو المايسترو لكل ما يخص المريض، عن تحضير المريض، وتصنيف الحالة واختيار طبيب التخدير، وكان بإمكانه أن يطلب استشاري تخدير معروفا في المستشفى للإشراف على العملية بغض النظر عن من قام بالتخدير، باعتبار طبيب التخدير الجديد في مكان العمل يعد مبتدئا رغم ما يتمتع به من مهارات أو يحمله من شهادات، أما في مثل حالة طارق فكان من الأجدر تواجد طاقم التخدير القديم على رأسه حتى يتعود على الأجهزة والمكان، لأن الحالة كانت تستدعي هذه العناية لسببين أولهما وزن طارق ونوعية العملية التي يخضع لها، وهي عملية تصغير المعدة وتحتاج إلى طبيب جراح ممارس وخبرة خاصة في التخدير وهي أيضا مسؤولية قسم التخدير في اختيار أفضل أطباء التخدير لمثل هذه الحالات. وقالت، إن المستشفى مسؤول مسؤولية كاملة عن توفير أفضل أجهزة المراقبة والأدوية التي تجعل عملية التخدير والمراقبة سهلة، بحيث يعطي الجهاز الإنذارات الكافية لنقص الأوكسجين والمستشفى مسؤول عن التدريب المستمر للأطباء وإحضار مشرفين على قسم التخدير ذوي خبرة عالية حتى يتجنب مثل هذه الكوارث. وتختتم نادية حديثها بالقول: كان طارق يلتقط صورا مع بناته وزوجته ليلة العملية، وكان يمازحهم بالقول «غدا أنتهي من السمنة»، وتقول مستدركة «ولم نكن نعلم أن هذه آخر صور له معهم وأنه يودعهم».