رغم وجود العديد من القصص المؤلمة من ضحايا المخدرات في المقابل نجد نماذج مشرفة من أبطال الإرادة الصلبة الذين وطئوا بأقدامهم هذه القاذورات وأقلعوا عنها منذ سنين طويلة بلا عودة، ألا نتأمل كيف استطاع هؤلاء التوقف والتوبة مع الاستمرار على درب التعافي طيلة هذه المدة؟! أليس هم أولى أن نتأسى بهم كما اقتدينا سابقا بأصدقاء السوء؟ إليكم بعض هذه النماذج المشرفة: أحدهم من الله تعالى عليه بالإقلاع عن المخدرات والتدخين حتى إن أسرته وجيرته الذين اكتووا منه في الماضي وحذروا أبناءهم من مخالطته صاروا ينصحونهم باتخاذه قدوة والاستفادة من خبراته في ترك المنكرات ومحاكاته في ارتياد المساجد والتخلق بأخلاقه الفاضلة. هذا تائب آخر من هذه السموم أقلع بعد سنوات قضاها في الجحيم مترددا على أماكن التعاطي المشبوهة، فكم من مرة داهمه رجال مكافحة المخدرات وكم من مرة أهان وأذل نفسه أمام المروج الذي امتهن هذه المهنة الساقطة في سبيل تدمير أبناء المسلمين وتناسى أن ربه حتما سينتقم لمن فقد فلذة كبده في هذه البئر التي لا قرار لها سوى التوبة والتعافي، فكم من دعوة قصمت ظهور المروجين وابتلاهم الله في أنفسهم وفي أعز ما يملكون وخسروا كل شيء وأمضوا بقية حياتهم بين قضبان الحديد في غياهب السجون ومنهم من حكم عليه بالقصاص، والعياذ بالله، لكن استطاع هذا البطل نبذ ماضيه المؤلم ملتحقا بالمستشفى حتى شفي من دائه فسلك سبيل الناجين واستطاع خلال سنة فقط إتمام حفظ كتاب الله عز وجل، ولزم المسجد مؤذنا وإماما فقد عوضه الله جل جلاله عن أماكن التعاطي النجسة بمكان طاهر هو بيت من بيوت الله. وذاك آخر استطاع بكل عزيمة وإصرار هجر مقاعد الظلام والتسطيل إلى مقاعد النور والتحصيل مجتازا مراحل التعليم العام بكل جدارة، وها هو اليوم طالب للعلا في الجامعة لم يتوقف طموحه التعليمي إلى أن ينال درجة الدكتوراه. وبطل آخر انتشل نفسه من لجة تلك الحياة الشاقة التي ترتبت عليها أضرار عدة، ونجى بنفسه إلى بر الأمان فقد فصل من عمله بسبب الغياب المتكرر الناتج عن التعاطي، علما بأنه كان يتقاضى راتبا مرتفعا، لكنه لم ييأس ولم يرض أن يعيش عالة على الآخرين فبعد أن شفي التحق في وظيفة براتب لا يتجاوز 1500 ريال، فصبر على هذا المبلغ المتدني مبتغيا به رضا الكريم، فعلى حد قوله أن حياته اليوم أصبحت أكثر سعادة واطمئنانا من ذي قبل طالما أنه بعيد عن جحيم المخدرات، بيد أنه ندم أشد الندم على خسران راتبه السابق. ومن هؤلاء من نجح في تكوين أسرة فأصبح زوجا ومثلا أعلى لأسرته وأدرك حينها أنه شتان بين حياة البؤس والشقاء وحياة السعادة والهناء وطيب العيش. عبد الرحمن حسن جان مدير الخدمة الاجتماعية في مستشفى الأمل سابقا