سجلت «عكاظ» حالات عنف لفظي وجسدي مورست تجاه سيدات وفتيات أخضعن للعلاج في مستشفى الصحة النفسية في جدة من قبل عاملات في المستشفى، وطالبت المريضات المعنفات اللاتي تحتقظ الصحيفة بكامل تفا بفتح تحقيق في ما حدث من ضرب وتهديد تجاههن، وهو الأمر الذي وعد به مدير مستشفى الصحة النفسية في جدة الدكتور عدنان مفتي في حال ثبت ذلك. من هنا وقفت «عكاظ» على حقيقة ما يدور في الغرف الصحية النسائية في مستشفى الصحة النفسية في جدة وخرجت بالحصيلة التالية: اعتاد الجميع أن يطلق على الممرضات وصف «ملائكة الرحمة»، لما لهن من أياد حانية تجاه المرضى، إذ أنهن أول من يباشر الحالة، لكن ماذا لو تحولت الممرضة إلى مخلوق آخر غير ملاك الرحمة وفي مصحة نفسية، إنها عملية مربكة بلا شك. دخلت «سحر . خ» إلى مستشفى للعلاج من عوارض نفسية لكنها وجدت نفسها على حد قولها أمام حالة من العنف اللفظي والجسدي مورس عليها من قبل ممرضتين، «دخلت المستشفى للعلاج وكنت حاملا في الشهر الثاني وأعطتني ممرضة الأدوية رغما عني ومارست الضرب ضدي ما أدى إلى سقوط الجنين»، كانت (سحر . خ) تعاني من اضطرابات نفسية نتيجة مشاكل أسرية ولدت لديها رغبة عارمة في الاستشفاء النفسي، «لكنني أحسست بأن المستشفى تحول إلى سجن مخيف، والممرضتان اللتان كان من المفترض أن يحتوياني صارتا سجانتين عنيفتين». هكذا قالت (سحر .خ). حالة أخرى تؤكد وجود حالات خلل في التعامل مع المريضات النفسيات من قبل عاملات وعاملين في مصحات نفسية، إنها (تهاني . ع) التي تولدت لديها في حياتها الخاصة مشكلة كبرى كما كانت تشعر،حينما دفعها القدر إلى الارتباط برجل يكبرها بربع قرن فاختلت الموازين بينهما إلى أن حدث الطلاق فأصبحت تلاحقها عيون والدها في منزله الذي عادت إليه، وذات يوم قررت الخروج مع صديقة لها إلى السوق من أجل التبضع والترفيه، وحينما عادت إلى المنزل حملها والدها إلى أقرب مصحة نفسية، «ذهبت إلى منزل والدي ولم أستطع الخروج من المنزل والذهاب إلى صديقاتي كوني مطلقة، وعندما رغبت الذهاب للقاء صديقتي لشراء الحاجيات وتغيير الجو الروتيني، أدخلني والدي المصحة النفسة، ومكثت فيها لمدة خمسة أشهر دون أن يشخصوا حالتي، واكتفوا بحقني في قسم الطوارئ». وعن مشاهداتها في الفترة التي قضتها في المصحة تقول «لقد دخلت هذه المصحة سليمة وخرجت منها غير ذلك، ومارأيته في المصحة من التعذيب والحرمان والعنف النفسي يكفي بأن يجعل من الشخص السليم يخرج وهو عكس ذلك، لقد حبست لمدة شهرين في غرفة منعزلة وقامت الممرضة بضربي دون أن ارتكب أي ذنب وأنا على استعداد لمواجهة الممرضتين وعندما قدمت شكوى ضدهما قالتا للإدارة إني أنا الفاعلة». في الجانب الآخر من القصة يؤكد أخصائي نفسي يعمل في مستشفى الصحة النفسية في جدة تحتفظ الصحيفة باسمه أن هناك تجاوزات حقيقية تحدث في الأقسام النسائية، «نسمع ونشاهد أحيانا حالات ضرب تجاه المريضات من قبل ممرضات لذا لابد من إيقاف ذلك وبشكل عاجل». إلا أن مدير مستشفى الصحة النفسية في جدة الدكتور عدنان مفتي يربط ل «عكاظ» بين اتخاذ الإجراءات تجاه ممرضات يعنفن مريضات بوجود قرائن تدعم ذلك، «إذا ثبت ذلك فسنتخذ إجراءات حازمة و كل من يرتكب خطأ في حق المريض سيطبق عليه أقسى العقوبات، وسيتم اتخاذ الإجراءات الصارمة مهما كانت الحالة وما يصدر عنها من تصرفات عدوانية فلا تعامل بقسوة أبدا». من جهته، يرى مستشار العلاقات الأسرية والنفسية الدكتور خالد باحاذق «إن المريض يكون في أمس الحاجة إلى الشعور بالحب و الرعاية و بهما تزداد قوة المناعة لديه ويبرأ من معاناة المرض فإذا كانت الحال كذلك بالنسبة للمرضى العاديين، فالمرضى النفسيون غالبيتهم يحتاجون إلى تعديل سلوكهم من خلال تحفيزهم نحو سلوك بشري راق، و هذا لن يتم مالم يكن التعامل معهم رقيقا حتى يجدوا ما يشجعهم إلى تعديل تلك السلوكيات»، ويضيف الدكتور باحاذق، «يجب على من يقوم برعاية و علاج هذه الفئة تفهم هذا الوضع أما من يقوم بتعنيف هؤلاء إن كان لفظيا أو جسديا فهو دلالة على بلادة التعامل مع المريض النفسي، وخيانة واضحة في أخلاقيات العمل و يجب محاسبة من يقوم بذلك». ومن منظور شرعي، يرى القاضي في المحكمة العامة في جدة فيصل الشيخ عدم جوازية ما يرتكب ضد المريضات في مستشفى الصحة النفسية في جدة، «لايجوز تعذيب الحالات في أية حال من الأحوال، والمسؤول لايقر أبدا على أن تعذب الحالات التي تقضي في المصحة أشهرا طويلة، وعلى العاملين داخل المصحة أن يتحدثوا مع الجهة المختصة للتحقق بهذا الموضوع لمحاسبتهم ومعاقبتهم وفصل المخطئ من عمله».