برعاية خادم الحرمين الشريفين، يجتمع أدباء المملكة هذه الأيام في مدينة الرياض في مؤتمرهم الثالث، الذي يفتتحه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، وتنظمه وكالة وزارة الإعلام للشؤون الثقافية، ويستقطب المؤتمر عددا من مؤسسات الأدب، ودوائر الثقافة، إلى جانب لفيف من الأدباء المعروفين في المملكة. يعقد هذا المؤتمر بعنوان «الأدب السعودي قضايا وتيارات»، وأرجو أن يكون هذا المؤتمر قد طرح في فعالياته «عزلة أديب اليوم النخبوي»؛ بصفته قضية ملحة في زمن الاتصال والعولمة، التي عصفت بالبلاغيات، وأدب الاسترسال، ومطولات النظم، فلم يعد هذا الأدب قادرا على الصمود والتفاعل في حياة الناس اليوم؛ كون مجتمع اليوم الاتصالي يمجد كل ما هو مثير، وغريب جماهيري، وشعبي، ولا أحسبه صعبا على أدبائنا أصحاب الأبراج العاجية، ولابسي «الزري العريض»، فهم المرحلة بعد أن أدركوا أنهم أصبحوا مبعدين من الحياة العامة لولا شباب جديد فهم الحياة، وطرح الرواية السعودية بقوة. أدباؤنا الذين نعموا بمجد الرفعة الاجتماعية لسنين، والذين سكنوا الأدوار العليا من عقولنا لقرون، وتسنموا الصفحات الأولى في أية مطبوعة منذ بداية الصحافة يختفون الآن من صخب الحياة منزوين في كهوف العزلة، وكأنهم الأحافير الأثرية التي تحتاج من الواجهة في مؤتمر موسمي لنتذكرهم، حيث يكرم بعضهم، وينسى كثير منهم. غياب هؤلاء عن ساحاتنا الجماهيرية ليس خطأ المجتمع، بل هو خطأ الأديب نفسه الذي لم يتلون ليستطيع ركوب مركب المجتمع، ويجد لنفسه مكانا في صخب الاتصال الذي يملأ الأفق، نعم العيب في الأديب المنعزل في برجه مستمتعا بفكره ومجده مع نفسه لا يمارس دوره خارج الدائرة الاتصالية العامة؛ لأنه لم يستطع صياغة أدبه بالطريقة المستفزة التي تعطيه وجود الإثارة (هذا الكلام أستثني منه بعض أدباء الرواية). سينصرف الناس أكثر عن الأدب بوجود هذا المنافس الاتصالي الذي يرسخ النمطي والعادي، ويبعد الجاد والثقيل من الأدب، إلى خانة الثقيل من العلوم مع أن دور الأديب ليس دورا علميا، فالأدباء الذين هم نخبة الثقافة عليهم مسؤولية بابتكار السبل التي تعيد لهم مساحة المجتمع التي افتقدوها إن كانوا يريدون طرح أنفسهم على أنهم مؤثرون في حياة الناس ومنبر للقيم. عذرا، أنا لست مثاليا لأندب حظ الأدب والأدباء، فأنا في الحياة، ومع الحياة؛ لكن زمن القارئ الذي يمجد البلاغة اللغوية، وقارئ بحوث الأدب الجاد يوشك أن ينتهي إلى القارئ المتعجل، يحتاج لغة منطقية في أقصر عبارة، والدليل اختفاء أدباء الجمع، أدباء الاسترسال، وشعراء المطولات المنظومة. نهايته، لا نريد أدبا خارج حياتنا، لا نجده إلا منعزلا على نفسه، ومرحبا بشباب الروايات الذين غطوا هذا النقص في النخبة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة