باهتمام شديد، ودهشة أشد، كنت أقرأ حديث الدكتور أحمد الغامدي رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكةالمكرمة لهذه الصحيفة عن الاختلاط.. كانت الحلقتان المنشورتان يومي الأربعاء والخميس تحولا جذريا في هذه القضية التي خلقنا منها أزمة وجدلا مستمرا أضاع كثيرا من وقتنا.. وللحقيقة لم يكن طموحي يصل إلى سماع مثل تلك التصريحات من أحد رجال الهيئة، ومن الدكتور أحمد الغامدي بالذات.. إن معظم عملهم يرتكز على هذا الموضوع، وقد كان للدكتور الغامدي آراء سابقة متشددة جدا، وبالتالي كان الحديث مفاجأة جميلة منه، لا سيما وهو يأتي بلغة راقية وشجاعة، ويؤصل لحيثيات القضية بأسلوب شرعي مستفيض. من منا كان يتوقع من رجل هيئة قوله: القول بتحريم الاختلاط افتئات على الشارع وابتداع في الدين.. لم يقل دليل على منع القرب بين الجنسين.. النصوص الشرعية تجيز الاختلاط في العمل والدراسة والمساجد والطرقات.. الاختلاط طبيعي في حياة الأمة ومانعوه لم يتأملوا أدلة جوازه! لقد تسببت قضية منع الاختلاط في كثير التعطيل والهدر والمشاكل الاجتماعية والأسرية، وجعلت كفاءات نسائية عالية التأهيل إما لا تعمل أو تعمل بحذر في جو مشحون بالتوجس وألغام الريبة. كما تسببت في إنشاء عالم نسوي آخر في كل مجال بما له من تكاليف باهظة.. لم تعد هذه القضية تشغل أحدا بهذا الشكل الكثيف إلا نحن. ولم نعد نسمع لها ذكرا في إعلام الدول الإسلامية بينما لا يمر يوم لدينا إلا ويتحدث عنها أحد. كما أنها قد أعطت انطباعا سيئا عن المجتمع السعودي، إذ صورته وكأنه غابة من الوحوش المفترسة، لولا منع الاختلاط ومراقبته بشدة لافترس بعضهم البعض. لقد قال الدكتور الغامدي كلاما عقلانيا في غاية الأهمية، وطرحه بلغة مقنعة، نأمل أن تؤسس لمرحلة مختلفة في التعامل مع هذه القضية وما كانت تسببه من تبعات. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة