يضع التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية الذي أطلقه رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل من الكويت البارحة الأولى، للعام الثاني على التوالي، أسئلة الثقافة وأحوالها في الوطن العربي على مشرحة البحث والتحليل، باحثا في خمسة ملفات أساسية على صلة وثيقة بمؤشرات التنمية الثقافية في مجتمعاتنا ومستوى تطورها، في محاولة لرسم معالم الخارطة الثقافية العربية وتحديد مواقع ضعفها وقوتها، والتأسيس لمنهجية عمل ثقافي يتسم بالشمول والرصد لمجالات تتشكل منها البيئة الثقافية العربية. تقرير هذا العام الذي حافظ على شمولية الطرح ومنهجية العمل نفسها، يقدم رؤية تقويمية لواقع التعليم العالي وأزماته، ويضعنا أمام حقيقة واقعنا التكنولوجي ومستويات تقدم مجتمعاتنا العربية في هذا المجال الحيوي، إلى رؤى وأفكار حول الجهود الإبداعية والبحثية المبذولة والمعضلات التي تقف في مواجهتها. ضعف في المواقع في المقابل يلحظ التقرير أن المواقع الثقافية العربية لا تعكس الثراء الشديد الذي تتميز به الثقافة العربية والتراث العربي، ويؤكد وجود ضعف في مواقع التعليم الإلكتروني والمكتبات الرقمية والأدب والفولكلور، وضعف شديد أيضا في محتوى مواقع البحث العلمي على شبكات الإنترنت. أداء الجامعات ملف التعليم تناول قضية «التمويل واستقلالية الإدارة في التعليم العالي»، فأكد أن مشكلة التمويل تترك آثارا على أداء الجامعات: نمو المؤسسة بمعدل لا يتناسب مع معدل نمو مخصصاتها، تقلص عدد الأساتذة الذين يجري تأهيلهم في الجامعات الغربية المرموقة واللجوء إلى إعدادهم محليا، عجز الجامعات عن تمويل الإجازات التدريسية والبحثية لأعضائها خارج البلاد.. ويقدم التقرير نماذج عالمية عن «الوقفيات» الجامعية، وإسهامها في تحقيق أعلى مستويات الجودة التعليمية ارتباطا بتوفير استقلالية الجامعة الإدارية والمالية في دول مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا وتركيا. خطاب وسائل الاعلام أما ملف الإعلام فقد بحث هذا العام موضوع «الخطاب الثقافي في وسائل الإعلام» إحدى قضايا «التماس» بين المضمون والوسيلة، وأكد التقرير أن الخطاب الثقافي يأخذ منحى ناقدا للآخر الغربي وخصوصا الأمريكي، منطلقا من أطروحة «سيطرة المادية على الحياة في الغرب»، ومن أن التنوع السياسي أو العرقي في الغرب يعكس في جوهره حالة اقتصادية تعتمد على الطبقية الشديدة. الإبداع السينمائي أما ملف الإبداع السينمائي فقد ركز على النمو المتفاوت لهذا الفن في مجتمعاتنا العربية التي يلعب فيها أفراد متقدمون إن وضعوا في أماكن مناسبة أدوارا تأسيسية في تطور الفن وغير الفن، تفوق في أهميتها ما قد يلعبه تاريخ هذه المؤسسات بأكمله. واعتبر التقرير أنه بقدر ما يكون بلد عربي ما خالياً من الإنتاج، يزداد اهتمامه بالمهرجانات وتمويله لها من دون اهتمام جدي بتمويل حركة إنتاجية أو تدعيم ما يريد المبدعون تحقيقه. ويشير إلى أن المهرجانات الفنية في دبي وأبو ظبي وغيرهما تبدو الأكثر قدرة على استقطاب الجديد والجيد السينمائيين. المسرح العربي وفي ملف المسرح العربي يؤكد التقرير أن هذا المسرح الذي تبنته الدول وأصبح جزءا من المؤسسة الرسمية لم يبتكر لنفسه آليات تطور تسمح له بالتعامل مع المستجدات السياسية والاجتماعية. ويختتم التقرير بالحصاد الفكري السنوي الذي يرصد مسائل وموضوعات شهدها العام الماضي