على الرغم من حجم كارثة السيول في جدة، إلا أن لهذه الكارثة وجهها الإيجابي، الذي ألمح إليه عدد من الكتاب والمثقفين والمسؤولين، والمتمثل فيما ستقوم به لجنة التحقيق، التي وجه بتكوينها وعملها خادم الحرمين الشريفين، من كشف لجانب القصور في أداء الأجهزة المسؤولة عن المشاريع المختلفة، التي كان من الواجب أن تدرأ مخاطر السيول عن المنطقة المنكوبة، فضلا عن منع إقامة أي عمران في مواقع تعرض ساكنيها لمخاطر السيول، وتحديد الجهات المسؤولة عن هذا التقصير، وإعادته إلى الأسباب التي أدت إليه، سواء كانت متصلة بالتقصير أو الخطأ أو الفساد الإداري. وإذا كانت كثير من الأسباب تعود إلى تقصير هذا الجهاز أو ذلك الجهاز، فإن أسبابا أخرى تعود إلى انعدام التنسيق بين الجهات المعنية، أو إلى الخلافات التي يمكن أن تنشأ عن التضارب في الصلاحيات بين تلك الأجهزة. الكارثة تؤكد لنا أن هناك غيابا للتواصل، أو عدم النظر بجدية إلى التقارير التي تتبادلها الإدارات المختلفة، ولعل خير مثال على ذلك عدم أخذ أمانة جدة تقرير المجلس البلدي بجدية، حين حذر من المخاطر التي سوف تتعرض لها جدة، فيما لو تعرضت للأمطار والسيول، على الرغم من عضوية الأمانة في المجلس، وعلى الرغم من أن الأمانة تعتبر المظلة الرسمية لأعمال المجلس. فإذا كان الأمر على هذا النحو بين جهازين متداخلين، فما بالنا بالأجهزة المستقلة، فهي دون شك أكثر تباعدا، ومن ذلك ما كشفت عنه الكارثة من خلافات بين أمانة جدة وإدارة العين العزيزية، وما نتج عن تلك الخلافات من مناطق عشوائية، وما تصعد عنها من خلافات بين الجهتين الرسميتين وصل إلى القضاء من ناحية، وبين هاتين الجهتين والمواطنين من ناحية أخرى وصل إلى القضاء كذلك. لهذا كله، فإن من المتوخى أن تنظر لجنة التحقيق في آليات التواصل بين مختلف الأجهزة، وأن تكشف عن أسباب انعدام التواصل، وبذلك تكشف عن سبب أساسي يقف وراء الكارثة. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 212 مسافة ثم الرسالة