المصيبة حدثت وانتهى الأمر، والأبرياء انتقلوا إلى رحمة الله، والبيوت غرقت، والسيارات ذابت مثل قطعة سكر في إبريق شاي، وشركات التأمين سوف تنجح -عاجلا أم آجلا- في تصنيف المسألة باعتبارها كارثة طبيعية كي تتهرب من تعويض أصحاب السيارات، ورجال أعمال جدة اختفوا في المطر أو أنهم يقضون إجازة العيد في الخارج وليس لديهم استعداد للمساهمة في مساعدة أبناء مدينتهم، ومسألة التعويضات للمتضررين، رغم أنها الدليل الأول والأخير على المصداقية في مواجهة الكارثة، إلا أنها لا تحظى بالقبول وبدأت تظهر أصوات تروج لفكرة استحالة صرفها. أما المجلس البلدي فقد دعا أمانة جدة لجلسة طارئة يوم الثلاثاء، أي بعد أسبوع من الكارثة (.. أموت أنا بالطارئة!)، وأصحاب الشقق المفروشة يتعاملون بجلافة مع الأسر التي وجدت نفسها دون مأوى في صورة تثبت تلاحم أبناء المجتمع الواحد!، وإصلاح الخلل الكبير عملية تحتاج إلى سنوات وسنوات، ورغم ثقتنا أن جدة يقف وراءها رجلا كبيرا سوف يجعل من هذه الكارثة نقطة تحول باتجاه واقع جديد، إلا أن الزمن الذي سوف تستغرقه عملية الإصلاح هو حاجز لا يمكن تجاوزه إذا أردنا التحدث بشكل موضوعي. لذلك لم يتبق لنا إلا أن نتفاوض مع الذين استغلوا ميزانيات الأمانة للبنية التحتية لمدينة جدة طوال العقود الماضية وأصبحوا اليوم هوامير وحيتانا يشار إليها بالبنان تسبح في السيل دون أن يصيبها ما أصاب الأسماك الصغيرة، لا شك أنهم حاليا يعتبرون فعاليات اقتصادية مرموقة بفضل تحويل سكان المدينة إلى (مرقوقة)، ولولا مجارينا التي شفطوها لما طفحت الجثث في مجرى السيل، لذلك فإن من حقنا عليهم أن (يدهنوا سيرنا) بنسبة بسيطة من عائدات الاستغلال، ويفعلوا شيئا للمساهمة في ورشة الإصلاح الكبرى ومساعدة المتضررين. نحن على استعداد تام لإحياء الأمثال الشعبية كافة التي تدعو لنسيان الماضي وإلغاء الذاكرة مثل: «اللي فات مات»، «هرج بالفايت نقصان عقل»، «حنا عيال اليوم»، «يادار ما دخلك شر»..الخ، بل إننا فقدنا الذاكرة فعلا بعد صدمة الأمطار ونسعى لفتح صفحة جديدة وإن أرادوا فإننا مستعدون لاستعمال دفتر جديد بعد أن استهلكنا الصفحات الجديدة في الدفتر القديم، ولا نريد منهم إلا أن يخرجوا شيئا قليلا من تحت البلاطة التي لم يمسسها المطر ويشاركوا في إنقاذ المدينة التي كانوا سببا رئيسيا في إغراقها!. وإذا كان المئات قد رفعوا قضايا حسبة ضد (م. ع) لأنه جاهر بالمعصية وخالف القيم الدينية والاجتماعية فإن تصريح رئيس المجلس الأعلى للقضاء ل «عكاظ» أمس يفترض قيام مئات الآلاف من سكان جدة برفع دعاوي ضد كل (م . ب) أي مقاول بالباطن أو (م .ف) أي مهندس فاسد أو (م . ش) أي مدير شفاط!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة