ينفق العالم بين الفينة والأخرى، ملايين الدولارات، لعقد مؤتمر عام، لبعض دوله وأقاليمه، لصالح البعض، وضد مصالح البعض الآخر كم تكررت كلمة البعض هنا وتقام لذلك المزادات، والسرادقات، وترفع الأعلام، وفي رواية: وتنكس الرؤوس أحيانا. الكل يأتي مدعوا من قبل بشر آخرين، ولمصالح معينة، وبتكلفات وتكليفات، يتحملها الداعي غالبا. سوى هذا «الحج». الكل يأتي مدعوا من قبل «الله». والتكلفات يدفعها المدعو بطيب نفس. نحن القاطنين هذه الأرض المقدسة، لا ندرك القصص المعجزة، المبكية، المعبأة بشعور لا متناه من الحب والبذل والحكايا القديمة، لتجميع نفقة العمر، وتحويشة النفس، من أجل هذه الرحلة، «الحج»،القصد، التراجيديا. ***** لازالت الجماهير المصرية والجزائرية، تمنحان المجموع العربي كل لحظة، درسا في الوطنية الفارغة، حد الضجيج. لأننا لا نحتاج فوزا في كرة القدم، على حساب هزيمة في كرة الرأس والعقل. ***** روبرت فيسك يتزوج شرقية. الصحافي الذي أدمن الشرق حتى عاد «ولد قبيلة»، يعرف من «علوم» الشرق، أكثر مما يعرف عن «علوج» الغرب. تزوج بوب أخيرا من فتاة أفغانية، بعد أن أنجز «حرب الحضارة» في ثلاثة مجلدات. أذكر أن جريدة الشرق الأوسط، كتبت في عرضها للكتاب الموسوعة السيرية هذه، أن فيه أخطاء إملائية أربعة أو خمسة. لا أذكر. كان عرضا وافيا أن تختزل ثلاثة آلاف صفحة في «أخطاء إملائية». تزوج من الشرق، وأفغانية بالذات. روبرت فيسك أحد أسماء الصحافة الماثلة للتماهي في المحكي عنه، حد عدم موت المؤلف بعد كتابة المقال كل «اندبندنت» ما. على كل الزواج تم في «بعلبك»، المدينة الحكاية، القصيدة، الرواية الملحمة. ***** الحكومة تشكلت في لبنان، بعد إنجاز أكبر طبقي تبولة وحمص، لكنها، أي الحكومة أيضا.. لم تتشكل. لو بقيت على ما قبل، لكان أصون لديمقراطية لبنان الأرزات الخضراء، إن كان ثمة ديمقراطية، في بلد تسكن الفئوية الطائفية، المحاصصة، المخاصصة، كل أشبار أزقته. ***** الأربعاء الماضي. لا دراسة فيه. لذلك لم يكن للمطر طعمه / طعنه في خلايا الروح. كان يحلو يوم كانت أسوار المدارس تراود الطلبة «الجادين» للفرار من مشقة يوم دراسي، وتمتمات أستاذ الجغرافيا: مناخ المملكة بوجه عام: حار جاف صيفا وشتاء. ***** لم نعتد المطر، لذلك تغتسل مدننا كل مطر بفضائحية أمام المارة. تظل عاما كاملا تنتظره، حتى إذا جاء، تعرت، وببشاعة أحيانا، وبدت كل عيوبها على شاطئ الحياة طبعا لا أقصد ما حدث في الشوارع البحيرات، أقصد البحيرات الشوارع . ***** «الرجل» الذي ظهر ويمد وهو ينأى بيده «الكريمة» صك إحسان إلى أحد نازحي الحرب الجنوبية هذه، و «يرائي» موثقا فعلته أمام كاميرا، لم تجد رقيبا عليها. كما وصلتني الصورة، كان ينبغي للشيخ أن يتعلم درسا في أخلاق العطاء، من «الصايعة»: أنجيليا جولي، وهي تكاد تحتضن المسن الأفغاني، المخالف لها في العقيدة والجنس والوطن. بينما «الشيخ» الذي أظهرته الصورة، يمد يده بعطاء ليس له أصلا، سوى توصيل هذا العطاء، ويتفق مع المسن دينا، وجنسا، ووطنا. ومع ذلك... ومع ذلك.