شعور بالهيبة يعتريك وأنت تدخل مطار عرفات، حيث تقلع مروحيات القوات الجوية الملكية السعودية لمراقبة الحج من السماء. لن تجلس دون أن تشبع سمعك بهدير المرواح لتستزيد اطمئنانا رغم صوتها المزعج المخيف، وستعلق عينيك في وجوه ضباط المروحيات والفنيين ومسؤولي الأمن هناك، فنظرة واحدة إليهم تريح قلبك. طيارون يطوفون السماء للاطمئنان على من في الأرض، فمعهم يعيش ضيوف الرحمن مطوقين بالأمن من كل الجهات. يقول قائد الطيران العمودي في مجموعة الحج المقدم طيار ركن عبدالإله الكثيري إنهم يحركون جولاتهم إلى سماء المشاعر بحسب الطلبات التي تصل إليهم من القطاعات الأخرى، إضافة إلى جولات أخرى يتم تخصصيها للإعلاميين الذي يغطون الحج. مركز عمليات الطيران في مطار عرفة خلية نحل لا تهدأ. الكل هنا بشوش ومبتسم ويريد أن يساعد. يجهز فنيو الطيران المروحيات للإقلاع قبل الموعد بوقت طويل، يصعد إليها طياران برتبة ضابط. يجلسان على المقاعد الأمامية للمروحية، على اليمين واليسار، ويضع المشاركون في الجولة سماعات التحادث على آذانهم لتبادل الحديث مع قائد المروحية اتقاء صوت المراوح الصاخب جدا، وذلك بعد أن يجلسوا في صفين من المقاعد الخلفية تتسع إجمالا لستة ركاب. يأخذ الرائد طيار عاطف الشهري ومساعده النقيب ثامر الرزقان إذن الانطلاق من مركز العمليات في المطار. يقلعان بهدوء ويتحركان إلى الموقع بهدوء أكثر. يحركان مروحيتهما يمنة ويسرة ليتسنى للمشاركين رصد تحركات وتفاصيل الحجاج في الأرض بدقة عالية من السماء. يقول الشهري إنه يقلع خمس مرات في اليوم، وكل جولة تستمر أحيانا قرابة الساعتين بحسب الموقف، ولا تقلع المروحيات إطلاقا وقت هطول الأمطار. يرصد المشاركون في الجولات الاستطلاعية التي تقوم بها مروحيات القوات الجوية حركة مرور الحافلات وانسيابية تفويج الحجاج من مشعر إلى آخر، وينشغل مختصون من أمانة العاصمة المقدسة بالبحث عما يعنيهم وهم ينظرون للأرض من ارتفاع 2000 قدم. كذلك الحال مع خبراء معهد أبحاث الحج والعمرة و قيادة مرور الحج إلى أن يصل الدور إلى أجهزة وسائل الإعلام، والذين تتدلى كاميراتهم من جانبي المروحية التي لا تملك أبوابا لتنقل للقراء صورة مهيبة للحج لم يروها من قبل. ولا تكاد مروحية تهبط حتى تبدأ الأخرى بالتجهز للانطلاق، فالطيارون المشاركون في مجموعة الحج متحمسون كثيرا لمساعدة من يريد الاطمئنان على أوضاع الحجاج ونقلها إلى الناس.