نفضت جدة أمس، الغبار عن نفسها بعد يوم من العواصف والمطر. خرج السكان مع بزوغ خيوط الفجر الأولى إلى الشوارع لاستطلاع تداعيات السيل والفيضان وعن حال مدينتهم التى اغتسلت في بحيرات وأنهار جرت في الشوارع دون سابق موعد أو إنذار، لتتركز أنظار الأهالي بجدية أكثر، إلى نشرات أخبار الأحوال الجوية في انتظار ما تسفر عنه السماء الملبدة بالغيوم. رجال الدفاع المدني، ومواطنون متطوعون انهمكوا في مثابرة لتصحيح أوضاع أحداث فجر الاربعاء، يبحثون بين الحطام عن محتجزين فرضيين ألقى بهم التيار في عمق أودية الميادين والشوارع شرق جدة، فيما عكف عمال البلدية على تنظيف وتلطيف الشوارع والأحياء من ركام السيل والمخلفات الصغيرة التي جرفتها قوة التيار من فناء المنازل الشعبية في حواري قويزة إلى الشارع العريض، ومع ذلك اعتبر الأطفال اليوم الاستثنائي فرصة نادرة للسباحة والتنزه على سواحل البحيرات وشواطئ الأنهار المفاجئة التي نبتت في الميادين والأزقة. شارع «جاك» الشهير في ضاحية قويزة، وجد نفسه، ربما لأول مرة، محط عدسات المصورين وأنظار رجال الصحافة بعدما تحول في أقل من ساعة ونصف الساعة إلى أكبر ورشة اصطناعية للسيارات الخربة، وعكس التيار أعلنت الورشة الكبرى خضوعها واستسلامها لرافعات الأمانة والدفاع المدني ليعود جاك، في ساعات، إلى أناقته وهدوئه. جولة واحدة على أحياء العروس الغارقة تكشف لك حجم الدمار الذي خلفته الأمطار والسيول، فمنازل بالعشرات تحولت إلى برك مياة آسنة، كما اختفت أرصفة الشوارع والجزر الوسطية، حال جدة أمس وتحديداً في الأحياء الجنوبية التي تعرضت لأسوء موجة أمطار في تاريخها لا يسر أحداً. هناك يتحدث محمد المالكي عن منزله الذي طمرته المياه «ماذا أفعل لم يبق لي شيء من الأثاث، فكل ما حواه المنزل أصبح في عداد المفقودين»، ويتساءل المالكي عن مشاريع تصريف السيول التي تطلعنا بها أمانة جدة، معتبراً أن هذه المشاريع غير موجودة على أرض الواقع، ولم تصمد في وجه السيول والمطر. في أقصى الشمال حيث الأحياء الراقية والفلل، بدا الأمر مختلفاً تماماً إنسيابية في الحركة، شوارع نظيفة من كل شيء حتى من قطرات المطر التي هطلت لأكثر من عشر ساعات متواصلة.