.. أخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا بالأبطح حتى إذا كان يوم الترويه جعلنا مكة بظهر أهلنا بالحج)). واليوم الذي هو الثامن من شهر ذي الحجة تتهيأ جموع الحجاج مع طلوع الشمس بالتوجه إلى منى لصلاة الظهر والعصر جمعا، ثم المغرب والعشاء جمعا، ففجر يوم الغد. وهذا اليوم هو يوم الترويه الذي يقضيه الناس للتعبد بمنى التي قيل بأنها سميت كذلك لما يراق فيها من الدماء من (منى يمنى) أي راق، ومنه (من نطفة إذا تمنى) أي تصب وتراق. أخرج أبو الفرج في مثير الغرام عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا سأله لم سميت منى؟ فقال: لما يقع فيها من دماء الذبائح وشعور الناس تقربا إلى الله تعالى وتمنيا للأماني من عذابه)). وقد روى مسلم والبخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم التروية بمنى وصلى العصر يوم النحر بالأبطح، وقال البخاري: وصلى الظهر والعصر يوم التروية بمنى. كما أخرج الحافظ أبو الفرج في مثير الغرام عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفطر)). وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». وفيما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا ؟ قال: حج مبرور)). وروى أبو موسى رضي الله عنه، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحاج يشفع في أربعمائة من أهل البيت، أو قال: أهل بيته ويخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)). وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبريل فقال: مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج)). وعلى الحجيج اليوم أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية لينالوا الأجر من الله. ومما جاء من شعر يلهج بالتلبية قول الشاعر الكبير الأستاذ حسين عرب رحمه الله: لبيك .. يا رب الحجيج جموعه وفدت إليك ترجو المثابة في حماك وتبتغي الزلفى لديك لبيك والآمال والأفعال من نعمى يديك لبى لك العبد المطيع.. وجاء مبتهلا إليك هذه الجموع تدفقت منها المسالك والبطاح قطعوا لك الدأماء، والغبراء، واجتازوا الرياح متضرعين إليك ، مستهدين يرجون السماح لبيك في الليل البهيم، وفي الغدو وفي الرواح فاللهم تقبل من عبادك دعاءهم وحجهم فإنك رب التقوى ورب المغفرة.