بحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس نيكولا ساركوزي رئيس الجمهورية الفرنسية في اجتماع معمق وطويل أمس آفاق التعاون بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها في جميع المجالات وخصوصا في المجال الاقتصادي. وتداول خادم الحرمين والرئيس ساركوزي في الاجتماع الذي عقده الجانبان في مزرعة خادم الحرمين في الجنادرية مجمل التطورات في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. ونوه الزعيمان أثناء المباحثات بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وما ستؤدي إليه هذه الخطوة من دعم قوي وتعزيز للوحدة الوطنية اللبنانية وتحقيق للأمن والرخاء للبنان ومواطنيه. كما تناولت المباحثات مجمل الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية وموقف البلدين الصديقين منها. واستكمل خادم الحرمين في اجتماع ثان مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي البحث في عدد من الموضوعات. من جانبه أكد الرئيس ساركوزي على حق المملكة في الحفاظ على سيادة وسلامة أراضيها والدفاع عنها وعن أمن مواطنيها. وحضر الاجتماع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الإله بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة ووزير التجارة والصناعة عبد الله بن أحمد زينل الوزير المرافق وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية عادل بن أحمد الجبير وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا الدكتور محمد بن إسماعيل آل الشيخ.. كما حضره من الجانب الفرنسي الأمين العام لرئاسة الجمهورية كلود غيان وسفير فرنسا لدى المملكة بيرتران بيزانسنو ورئيس الأركان الخاص لرئيس الجمهورية الأميرال إدوار غييو والمستشار الدبلوماسي لرئيس الجمهورية جان ديفد ليفيت وأبو بكر مناني والمستشار الفني لدائرة الدبلوماسية المكلف في شمال أفريقيا والشرق الأوسط نيكولا غاليه. إلى ذلك أقام خادم الحرمين الشريفين في مزرعته في الجنادرية مأدبة عشاء تكريما للرئيس ساركوزي والوفد المرافق له. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي رئيس الجمهورية الفرنسية وصل الرياض البارحة في زيارة رسمية للمملكة تستمر يومين. وأثنى في وقت سابق على حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، واصفا إياه بالرجل الحكيم ورجل السلام والاعتدال، ويضطلع بدور لا يعوض في مواجهة أزمات المنطقة، مؤكدا أنه يكن له كل التقدير؛ فأراؤه ورؤيته مهمة جدا. وأسهب قائلا: «إنه منذ اليوم التالي لانتخابي رئيسا، اخترت وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن نعطي زخما جديدا للشراكة بين بلدينا وأن نعطيها بعدا استراتيجيا حقيقيا»، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي الذي يعد عنصرا أساسيا من الشراكة بين البلدين، هناك إرادة تعميق الحوار السياسي في المجالات كافة. وأكد أن المملكة وفرنسا شريكان متميزان وحليفان استراتيجيان يسعيان معا لنشر السلام في المنطقة، موضحا أنه سيتناول وخادم الحرمين الشريفين كل الموضوعات التي تندرج تحت العلاقات بين البلدين والملفات الإقليمية الكبرى والأوضاع العالمية. وأعلى الرئيس الفرنسي من شأن الإصلاحات التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز للاقتصاد السعودي، ما أتاح له أن يزدهر بسرعة، مشيرا إلى إسهام العديد من الشركات الفرنسية في هذا التطور، وشركات أخرى تلعب دورا مهما على نحو متزايد. وأردف «إن شراكتنا الاقتصادية تتمتع بخبرة متعارف عليها دوليا في مجالات تهم بوجه خاص المملكة، لا سيما البنى التحتية والمواصلات والاتصالات والمياه والكهرباء وكذلك التعاون النووي السلمي». وثمن ساركوزي الخيار المستنير لخادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز وحكومة المملكة حول دور الشباب والاستثمار في المستقبل من خلال إعطاء الأولوية للتأهيل والتعليم. ووصفه بأنه شق مهم في الشراكة الاقتصادية التي يحرص عليها بوجه خاص، وقال: «فخلال زيارتي الأولى في يناير 2008، وقعنا على اتفاقيات عدة في المجال الجامعي والتأهيل الفني والمهني، كما عمدنا إلى زيادة عدد الطلاب السعوديين ذوي المنح الذين نستقبلهم سنويا في فرنسا، وعددهم اليوم يبلغ 800 طالب، ولن نكتفي بهذا القدر في هذا المجال، إذ قررنا أن نعمق التعاون في هذا الجانب بشكل أكبر؛ لأنه يشكل فرصة لشباب البلدين للتعرف إلى بعضهم على نحو أفضل». وتناول الرئيس ساركوزي في حديثه عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط ومفاوضات الملف النووي الإيراني والأوضاع في لبنان بعد تشكيل الحكومة الجديدة وعددا من القضايا في العالم.