أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ على أهمية مسألة (التيسير في الحج) موضحا أن التيسير إذا صار وفق ضوابطه الشرعية فهو من مفهوم (خذوا عني مناسككم، مطالبا الدعاة في الحج بالتيسير على الحجاج، والحرص على براءة الذمة في إصدار الفتوى، لأن الحاج لا يحتاج إلى أمور كبيره تتعلق بالأمة أثناء أداء حجة، فهو يحتاج إلى أمور بسيطة ميسرة. وشدد معاليه في تصريح له على أن التيسير أصبح ضرورة في موسم الحج أخذا بالقواعد الشرعية.وقال لكن البعض يتجاهل هذه القواعد ظنا منه أنها إخلال بشروط وأركان الحج، وآخرون يعتقدون أن تستخدم بسبب ضغوط الواقع. وأضاف أن القواعد الشرعية في التيسير هي مؤكدة لتقوى الله جل وعلا والخوف منه سبحانه وتعالى، لأنه سبحانه يقول (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقال لنا (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وهو سبحانه وتعالى الذي بعث نبيه بالتيسير فقال: (بعثت بالحنيفية السمحة)، والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، ولذلك أجمع العلماء على قاعدة (المشقة تجلب التيسير)، وهناك تفصيلات أصولية في أنواع المشقة التي تجلب التيسير . ولفت آل الشيخ إلى أنه ليس كل مشقة مطلوب نفيها، فالعبادات فيها مشقة، والتيسير بضوابطه الشرعية هو صناعة الفقيه والمجتهد، وهنا نأتي إلى أنه لا ينبغي للمفتي أو المرشد أن يعلم الناس ويرشدهم إلى تيسير بأخذ برخص المذاهب بما يخالف السنة، لكن إذا كانت هناك مشكلة ومشقة تصيب عامة الحجاج فإن التيسير فيها بما لا يخالف السنة. واستشهد معاليه باجتهادات الخلفاء الراشدين قائلا (نجد أن في بعضها تيسير على الناس من خلال بعض أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وفي فتاواه، وهي ليست عامة ولكنها في بعض الحالات. فإذا نظرنا إلى فتاوى ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما وفتاوى مفتو الحج كعطاء وغيره، وجدنا أن هناك اجتهادات كبيرة لم يفهمها العلماء على أنها خروج عن قاعدة (خذوا عني مناسككم) , إذن فالتيسير إذا صار وفق ضوابطه الشرعية فهو من مفهوم (خذوا عني مناسككم)، ومن ضمنها أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (افعل ولا حرج)، ومن مضامين (خذوا عني مناسككم)، كذلك الأخذ بقول الله تعالى(وما جعل عليكم في الدين من حرج). وبين معالي وزير الشوؤن الاسلامية أن الفقيه الذي يطبق (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقاعدة (المشقة تجلب التيسير)، هو في الواقع يطبق (خذوا عني مناسككم) مشيراً إلى أنه إذا تمت الاستطاعة في إيصال هذا الفقه إلى الدعاة والمشاركين في الحج فإننا نقول لهم دائما: إذا استرشد منكم حاج عن كيفية الحج فأرشده بالسنة، أرشده الى كيفية حج النبي صلى الله عليه وسلم، بما تيسر عليه حجه ولا تعسره عليه، ثم إذا سأل بعد أن وقع في الشيء فلا تشدد عليه في الحكم لأنه قد وقع في هذا الشيء، فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أسامة بن شريك المعروف: جاء رجل فقال يا رسول الله: سعيت قبل أن أطوف، قال: (اسع ولا حرج)، ومع أن السنة واضحة في أن يكون الطواف ثم السعي، وهذا الحديث رواه أبو داوود، وكان سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يصححه ويأخذ به. والسؤال هنا لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: (اسع ولا حرج)، لأنه فعل الفعل وانتهى، فإذا حمله وطلب منه العودة ليطوف ثم يسعى فيكون مشقة عليه، والمشقة تجلب التيسير . ودعا معاليه العلماء إلى التيسير ورفع الحرج عن الحجاج فيما لم يظهر دليل،والحرص على براءة الذمة في إصدار الفتوى، ومرعاة ظروف كل حاج، وأحواله الصحية، والتيقن من معرفته بالمناسك. كما دعا العلماء إلى التزام الوسطية في الفتاوى وكافة التعامل مع الحجاج القادمين للمملكة عبر المنافذ المختلفة،وقال إن هناك نسبة كبيرة منهم يصلون وهم مشتتو الذهن، ويحتاجون إلى من يصغي إليهم ويهتم بهم، ومتى ما كان ذلك، كان الانطباع الأول للحاج جيدا، مما يعني أنه سيمضي بقية وقته أثناء المناسك وهو مطمئن متفرغ لعبادته . ولفت معالي وزير الشوؤن الاسلامية إلى أن المترجمين المساعدين للدعاة تقع عليهم مسؤولية العمل على مد جسور الحوار مع السائلين والمسترشدين برقي في التعامل, وأن يكونوا سهلين في عباراتهم، وفي أدائهم للرسالة الدعوية للحجاج. وتناول معاليه في تصريحه قضية هامة،وهي الأمن الفكري وكيف يمكن تحصين أبناء الأمة من الأفكار المنحرفة مطالبا بتوصيف مفهوم الأزمة الفكرية المعاصرة التي تعيشها الأمة الإسلامية، بحيث يتكامل النظر لهذه الأزمة في إبعادها الحقيقية، وقال إن هذا يتوجب ضرورة بحث جذورها الفكرية ومظاهرها وتأثيراتها على الدين والمجتمع، وأهمية دراسة الإشكالات الفكرية التي تغذي الانحراف الفكري، منها: إشكالية الفهم الخاطئ للقرآن الكريم والسنة النبوية، وإشكالية فهم العلاقة بين الأصالة والهوية والعصرية، وإشكالية التفاعل الضروري بين الثقافات. وبين ال الشيخ ان التحصين من الأفكار المنحرفة يتم على ثلاث خطوات، تبدأ بتشخيص منظم للأزمة الفكرية الحالية، ثم تحديد دقيق للوضع الفكري المستهدف، ثم القيام برسم وتنفيذ خطة إستراتيجية تستثمر فيها كافة الموارد، للانتقال من الوضع الراهن غير المرضي إلى الوضع المستهدف، وأن تتضافر الجهود لإيجاد برامج عملية لإصلاح العقل والنفس، فإصلاح العقل يكون بسلامة الفكر الذي هو الإنتاج العقلي لأبناء الأمة عبر تاريخها وهو منظومتها الفكرية وموضوع أمنها الفكري، وأن يكون للأمن الفكري أهمية خاصة وأولوية كبرى لأن يقوم بضبط بقية جوانب الأمن الأخرى. وعن تحقيق الأمن من خلال استرايجية الأمن الانضباطي والسلوكي؟ قال معاليه (لم يعد مقصورا على هذا وحده، بل يتطلب تكاملا مع إستراتيجية الأمن الفكري، ومن هنا تأتي أهمية إنشاء كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري، وهو دلالة واضحة على رؤية الأمير نايف بن عبدالعزيز الشاملة لموضوع الأمن والسلام الاجتماعي، وبإنشاء هذا الكرسي تكتمل الإستراتيجية الوطنية الشاملة التي تتبناها وزارة الداخلية في محاربة التطرف والفكر المنحرف). وأفاد معاليه أن انشاء الكرسي يعني أن المواجهة مع الفكر المنحرف يتوجب أن تكون شاملة ومتكاملة ومستمرة، لأن التطرف لا يتوقف عند وجود جماعات توظف العنف من أجل مشروع سياسي، فهو ظاهرة تتعلق أساسا بأوضاع داخلية وخارجية، وأن للتطرف مسببات تسمح بظهور مثل هذه الجماعات، ومن ثم يصبح احتواء الظاهرة مرتبطا أساسا بفهم معالجة المنظومة الاجتماعية الفكرية التي تفرز التطرف وتيسر وجوده العضوي والمعنوي. وأوضح وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن الأمن رسالة عامة يجب على كل مسلم أن يعيها تماما، وأن يدرك أنه لا تحقيق لأي مصلحة من مصالح العباد في دينهم ولا دنياهم إلا بأمن تام، وقال إنه كلما زاد الأمن كلما زاد تحقيق المصالح، ولذلك يجب أن نكون جميعا رجال أمن، وهذا مطلب شرعي. كما أكد ال الشيخ أن رسالة الأمن ليست مطلوبة من فرد دون آخر، أو جهة دون أخرى، ليجب أن يسعى الجميع لأن يكونوا جميعا رجال أمن، يحققون الأمن الذي أمر الله جل وعلا به، الأمن على الدين والأنفس والأعراض والأموال. وأشار معاليه إلى مايقوم به علماء الاسلام من جهود في مواجهة الانحراف العقدي والفكري، مؤكداً أن لهم اليد الطولى في مواجة ذلك علمياً ودعوياً. وقال معاليه إن الإرهاب اليوم جمع إلى الانحراف العلمي والعقدي بالاعتداء العملي بالتفجير والقتل والتدمير، مشيراً إلى مواجهة ذلك حتى يندحر خاسئا.وهذا واجب كل ذي قدرة من السلطان والعلماء وأهل الفكر والقلم والإعلام والاقتصاد والتربية والتعليم والفلسفة والتحليل. وعرض معاليه يقول إن الإرهاب يجمع أنواعا من الانحراف السلوكي، فلذا تجب مواجهته على محاور متعددة: المحور العلمي، والمحور التربوي، والمحور السلوكي، والمحور الاجتماعي. وهذه وغيرها تحتاج الى كل ذي تخصص مؤثر حتى يؤدي دوره، حيث يجب حماية عقول الناشئة وسلوكها، فالعالم مؤثر، والتربوي مؤثر، والاجتماعي مؤثر، وعالم النفس مؤثر، والبيت والمدرسة والعمل بيئات لابد من دخولها في عملية الحماية والوقاية والعلاج. وأوضح صالح آل الشيخ أن الأئمة والخطباء كان لهم في السابق أدوار كبيرة في محاربة الأفكار المضللة والإرهاب، والتحذير من أخطاره، من خلال خطبهم وكلماتهم في مساجدهم،وقال إنه ستكون لهم أدوار مستقبلية في مواصلة التحذير من أصحاب تلك الأفكار التي تحمل الغلو والتطرف، وتحذير الناس من أخطارهم مفيداً أن الائمة والخطباء يحملون رسالة المسجد، وهي الرسالة والأمانة المهمة التي ما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من أصحابه في مسجده، على جلاله وعظم شأنه عليه الصلاة والسلام، وما كان عليه من أمر النبوة والوحي وإمامة المسلمين وولاية الأمر والقضاء والفتيا. وقال معاليه إن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني حرصوا على أن تكون أعمال الحج على وفق التطلعات، بما يسهم في راحة الحجاج، فعلى الكل في كافة القطاعات أن يؤدي جهده ودوره في تهيئة مرافقه، وتنفيذ الخطط المقرة في ذلك. وأضاف (أن المملكة تعمل جاهدة في كل عام من خلال الجهات الحكومية العاملة في الحج على تذليل الصعاب على ضيوف الرحمن والتسهيل عليهم ومنها ما نشهده في المسجد الحرام من مشروعات توازي ما تبذله الدولة في المشاعر المقدسة وموسم الحج العام الماضي شهد نجاحا عظيما ومشهودا على جميع المستويات، وفي جميع القطاعات وأعمال الدولة). وأشار إلى أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تولي عناية تامة بالحاج منذ قدومه، ترحيبا وتسهيلا، والقرب منه لمعرفة ما يكون في ذهنه من أسئلة، أو إشكالات أو تساؤلات. و لها مسؤولية خاصة، في عنايتها بالمواقيت والمنافذ من حيث التوعية الإسلامية، وهي المعنية بالمساجد وبالمشاعر من حيث تهيئتها، وهذا مما حبى الله جل وعلا هذه البلاد وكرمها به أن تكون راعية للحرمين الشريفين وللديار المقدسة ومناسك الحج.