الحمد لله.. الحمد لله شجب العرب إسرائيل وأدانوا أفعالها وسبحانه لا يحمد على كل الأمور سواه، خيرها وشرها، كبيرها وصغيرها، فهو الأحق بالثناء والشكر ولكن بكل أسف فوجئنا بأن إسرائيل لديها تطعيم ومضادات حيوية إعلامية ومناورات لكسب القضية، حتى أصبحنا نلاحظ أن هذه الألوان من الشجب والتنديد لا تؤثر فيها بل هي ماضية في ظلمها وقسوتها تقذفنا بالصواريخ ونحن نرد بالصراخ والعويل ولا تلتفت هي ولا أعوانها لما نفعله حتى وإن شهدت عليه الأممالمتحدة بل وكل أمم العالم أجمعين.. ولعله من المؤسف حقا أنهم قابلوا هذا التنديد بلا مبالاة من ناحية، وبحملات إعلامية قلبت الحقائق للعالم الذي لا يقرأ معظمه تفاصيل الشجب ولا التنديد لتصورنا أمامه كمجموعات إرهابية ظالمة، بل واستغلت بكل أسف غفلتنا الإعلامية لتقول للعالم إن القدس يهودية أصلا، وجذورها التاريخية تثبت ذلك وقدمت وثائق مزورة نشرتها وركبت الموجات الإذاعية والتلفزيونية واستفادت من ثورة الاتصال لتغرس في نفوس الناس بأننا ظالمون وأننا إرهابيون وأن القدس يهودية وأن هؤلاء الناس لا يستحقون القدس لأنهم مختلفون على هذه القضية والكل يريدها لنفسه لا لوطنه. أما نحن نريدها للوطن اليهودي الذي نستحقه. وتمضي بنا القافلة في ألم وحسرة لتشعرنا أن هذا الشجب لم يقدم ولم يؤخر، ولم ننجح في الوصول إلى عقول الناس في العالم لنضع الحقائق أمامهم بأن القدس لم تكن في يوم من الأيام يهودية وأن العرب اليبوسيين هم من بناها في الألف الرابعة قبل الميلاد أي قبل ظهور سيدنا موسى عليه السلام والديانة اليهودية بنحو سبعة وعشرين قرنا وأن سيدنا موسى عليه السلام ولد وتربى ونشأ وبعث ومات ودفن في مصر ولم تر عينه القدس ولا فلسطين فأين هي العلاقة بين اليهود والقدسوفلسطين؟! وأين ذلك الحق الذي يزعمون؟. لكنهم بكل أسف نجحوا في إقناع الناس في الغرب وفي أمريكا بأن فلسطين وطنهم وأنهم أخيراً عادوا إلى هذا الوطن وأنهم لا يرغبون إلا في السلام والأمن بعد غربتهم وأننا نحن الأمة التي تهدم الآثار وترغب في إزالة جبل الهيكل ولا تستطيع إسرائيل أن تقف صامتة أمام هذه التصرفات العربية الظالمة.. حتى وصل بهم الأمر كما ذكر أخي جهاد الخازن في بعض مقالاته أنهم قالوا بأن اليهود عندما أرادوا العودة إلى وطنهم الذي يملكونه منذ 4000 سنة لم يرحب بهم الفلسطينيون المغتصبون وأن العرب غزوا البلاد وسموها جند فلسطين سنة 635 وأن معظم البلاد كانت لمملكة يهود وإسرائيل ولكن الساحل للفلسطينيين في الشمال وللفلسطينيين في الجنوب.. ونحن لم نقدم حقائقنا للعالم ولم نوضح أن هذا تاريخ يزوره اليهود وينشرونه في العالم. وأنهم باتهامهم لنا بتدمير آثارهم يوهمون العالم بأن لهم آثارا مع أنهم لا يملكون آثارا ولم يستطيعوا إثبات ذلك حتى بعدما حفروا وبحثوا عنها بشهادة عالم الآثار اليهودي (مائير بن دوف) الذي ذكر الحقيقة كاملة بأن حفرياتهم على مدى ثلاثة وسبعين عاما تحت المسجد الأقصى وما حوله لم تدل على أي حق لهم في المسجد أو ما حوله وأنه لاوجود ماديا للهيكل المزعوم وأن كل ذلك كذب على الله وعلى التاريخ.. إن واقع العرب البائس أساء إلينا وإلى قضيتنا وجعل الشجب هو القضية ونجحنا في الشجب وخسرنا القضية لأن العالم والإعلام العالمي نقل صوراً من اقتتالنا وخصوماتنا واتهاماتنا لبعضنا البعض فترجم الإعلام اليهودي كل هذا ونقله إلى العالم ووصفنا بأمة همجية مستغلا خلافاتنا ليسيء إلينا فكانت بأيدينا قبل أيديهم وبأفواهنا قبل أفواههم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. لقد أنسانا الواقع المؤلم أنه لم يعد هناك (عزاء للفلسطينيين) فهؤلاء والأطفال الذين يقتلون والنساء والرجال الذين يشردون بل ويقتلون لا نعرف من نعزي فيهم هل هم ضحايا قتل إسرائيلي أم أنهم قتلوا بأيد فلسطينية أو أن بعضهم قتل بيد فلسطينية وأخرى إسرائيلية وهؤلاء الذين في السجون هل كلهم في سجون إسرائيلية أم أننا نسجن بعضنا البعض ونقتل بعضنا البعض ونمزق هذا الوطن ونضيع هذا الكيان ثم نتجه إلى الشجب والتنديد حتى أصبح من الممكن أن ندخل إلى (موسوعة جينيس) بأننا أكبر الأمم شجبا وتنديدا وتدخلها إسرائيل كأكبر قوة ظالمة مارست شتى أنواع الظلم والقتل والتعذيب ومضت في ذلك وتمضي ونحن نرفع أعلام الشجب والتنديد حتى أصبحنا نسمع أصواتا من أعماق التاريخ تنادينا: (يا قوم.. يا قوم.. يا قوم.. أليس فيكم رجل رشيد؟ لماذا لا تجمعون طاقاتكم وقواكم وتوحدون صفوفكم لأخذ حقوقكم أو بعضها أو حتى التدرج بدلا من أن تظلوا في تشرذم وتشرد) ولكن لا عزاء لنا جميعا ولا سلاح إلا الشجب والتنديد.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.