لم يقتل الإسرائيليون الأتراك «أحفاد العثمانيين»، بل نحن الذين قضينا عليهم بخنوعنا وهواننا وتخاذلنا على مر السنين أمام الإسرائيليين، الذين يجثمون على صدورنا، واختبرونا مرات ومرات ولم يجدوا منا سوى تصريحات وانفعالات وقتية، وخروج بعض الطلبة إلى شوارع العواصم العربية، وتصدي بعض الحكومات العربية لهم، لذا لم يتردد الإسرائيليون في نحر الحرية واغتيالها وسفك دمائها على الأراضي العربية. لم تكن «قافلة الحرية» التركية تدري أنها في طريقها إلى حتفها، وأن يد الغدر ستطالها وتقضي عليها، وأعتقد أن الأتراك لو علموا مدى الهوان الذي اعترى المسلمين أمام إسرائيل لما عرّضوا أنفسهم للتهلكة. «فمن أمن العقوبة أساء الأدب»، وإسرائيل تعلم علم اليقين أنها لن تحاسب ولن يجرؤ أحد على التعرض لها، لذا فإنها دائماً ما تسيء الأدب. فالاعتداء الآثم على أسطول المساعدات التركي لم يكن الأول ولن يكون الأخير مادمنا لا نملك سوى «التنديد والشجب والأسف والاستنكار»، فهنيئاً لإسرائيل بدول لا تملك سوى هذه الأدوات في مجابهة أحفاد صهيون. لقد اغتال اليهود الحرية بدم بارد وأقدموا على جريمة بربرية هزت العالم أجمع، وأثبتوا أنهم لا يمتون للإنسانية بأي صلة، وستظل الغطرسة الإسرائيلية مستمرة بفضل مساندة ووقوف الدول الكبرى وراءها وعلى رأسها أميركا التي سعت بكل قوة إلى منع إدانتها في الأممالمتحدة. وسيستمر التبجح الإسرائيلي بفرض قوته وجبروته مادمنا نقف على أرض هشة، نهتم بصغائر الأمور، وإسرائيل تطور من أسلحتها النووية لتقوية قواتها العسكرية، لذلك هم يُقْدِمون على أفعالهم من منطق قوة ولا يخشون أحداً. فلولا «مذبحة الحرية» التي أسفرت عن مقتل 9 أتراك وموقف إسطنبول القوي وتصريحاتهم العنترية الرنانة، التي لم نسمعها منذ رحيل الرئيسين جمال عبدالناصر والسادات، لمرت الحادثة مرور الكرام، فنحن أصبنا بالتبلد من كثرة الضربات التي وجهتها لنا إسرائيل، وأصبحنا نتكئ على غيرنا للدفاع عنا. ومع استمرار المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت وسترتكب ضد الشعب الفلسطيني الأعزل يجب علينا ألا نفقد الأمل وألا نيأس، فمن رحم المعاناة يولد الأمل... وغزة المحاصرة الآن سيأتي يوم وتدحر اليهود وتصبح مقبرة لهم. فالأمة الإسلامية في حاجة إلى قائد فذ «غيور» على دينه، يشحذ الهمم ويبث روح التفاؤل بين المسلمين، مثل صلاح الدين الأيوبي الذي قال قولته الشهيرة: «القدس أو الموت»، فنحن نعيش في زمن لا مكان للضعيف فيه ولا يُحترم إلا القوي. فلسطين ليست في حاجة إلى مساعدات إنسانية وإغاثية بقدر حاجتها إلى من يحررها من الاحتلال والقيود الإسرائيلية المفروضة عليها. [email protected]