كثيرا ما تابعنا القراء وأن الصراع الدائر بين بعض الإعلام والإعلاميين وبين المحافظين، فكل واقعة يختلف عليها الطرفان، يرويها بطريقة مختلفة عن الآخر، فقصة مسرح جامعة اليمامة مازالت حاضرة إلى الآن وقابلة للنقاش، لأن هناك روايتين لها، وكل رواية تختلف بدرجة كبيرة، فرواية بعض الإعلاميين تتهم جهة وتبرئ الأخرى، ورواية المحافظين العكس تماما. كذلك ما كان يحدث كل مرة على هامش معرض الكتاب بالرياض في الندوات العامة، أذكر أني كنت أتابع من خلال الصحف ما دار في إحدى الندوات، والصراع بين جزء من الإعلاميين وجزء من الأصوليين أو المحافظين. كانت الحرب الكلامية نوعا من أنواع الإقصاء، وهذا أمر ليس مستغربا على الأقل بالنسبة للكاتب؛ لأن الحوار ليس ترياقا يمكن أن يقدم للإنسان فيصبح قادرا على الحوار مع الآخر، بقدر ما هو تنشئة ومنذ الصغر. وكان الأمر مقبولا بالنسبة لي إلى حد ما طالما لم يتعد أن يكون رفضا لفكر ورأي الآخر، بيد أن ما حدث لم يكن اختلافا أو نفيا للآخر بل اختلاف في رواية ما حدث في تلك الندوة أو ما رآه الطرفان أعني بعض الإعلاميين وبعض الأصوليين. بعض الإعلام والإعلاميين اتهموا الأصوليين بأنهم يريدون محاكمة الثقافة والمعرفة والوعي، فيما وصف الطرف الآخر ما قام به الإعلام تزويرا لحقائق ووصل حد اتهام البعض بالكذب، هكذا وبصريح العبارة قال: إن الإعلام يزور الحقيقة. ولأني كائن غير منتم لأحد الطرفين، لا أريد الدفاع عن طرف مقابل آخر، فأنا لا أحب لعب دور «شاهد زور»، لم ير فكيف يحكم كما فعل بعض الكتاب حين تناولوا تلك القضايا ودافعوا عن فئة ضد فئة وهم في مدينة أخرى، لهذا أود مناقشة هذه الظاهرة التي بدأ القارئ وأنا نعرف توجه الكثير من الإعلاميين والمحافظين مع كل صراع وكيف سيروي كل منهم الحادثة. ففي مثل هذه الأحداث والصراعات التي ينقسم عليها الطرفان، ويرويها بطريقة مختلفة، هي في النهاية ستخبرنا أننا أمام فئة تكذب؛ لأنه من المستحيل أن يكون الطرفان على صواب، وكل هذا الاختلاف في الرواية. وبما أني أظن أن القارئ يتفق معي بأن هناك طرفا كاذبا، تخيلوا لو كان بعض الإعلام والإعلاميين هم الكاذبون، ألا يحق للقراء أن يسألوا أي أعلام نمتلكه؟ خلاصة القول: إن إيمان القراء بفكرة أن الإعلام هو الصادق أو العكس أي إيمانهم بأن المدافعين عن الفضيلة هم الصادقون، أمر محبط، فهو يؤكد أن المستقبل مظلم أو لأخفف اللفظ وأقول ضبابي. وبما أني لا أريد أن أكون «غراب البين» فأبشر القارئ بمستقبل قبيح، ما رأيكم لو أن القراء يتعاملون مع كل صراع بين الطرفين «اللذين بالتأكيد أحدهما يكذب»، فيروي كل منهما رواية مختلفة، بأن يعتقد القراء أن ذاك الصراع لم يحدث، وأنهم أي القراء واهمون. أحيانا حين يكون الواقع بهذا الكذب القبيح، يصبح الوهم رحما يعيش به الأمل بمستقبل أفضل. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة