تمثل المنطقة المركزية في الحرم المدني نقطة جذب مهمة للباعة الجائلين، وتمثل في الوقت نفسه ساحة للتجاذب بين الباعة ورجال البلدية، إنها حالة من الشد والجذب تحتدم مع قدوم المواسم الدينية، فالبلدية ترى مخالفة الباعة لطرق البيع والشراء في المنطقة المركزية، والباعة يعتبرونها منطقة تدفق بشري تكفي لتحصيل الرزق. والحق أن المنطقة المركزية تعج بالكثير من الصور، فالزائرات والزائرون للمسجد النبوي يتخذون منها مكانا للراحة والتأمل، والفضوليون يرون فيها مكانا مثاليا لتفحص الوجوه. «عكاظ» جالت في المنطقة المركزية للحرم المدني وخرجت بالتفاصيل التالية: هموم الباعة من الشباب وكبار السن في المنطقة المركزية لم تكن متفرقة أثناء جولتنا على المنطقة المحيطة بالحرم، فالبلدية هي الهم الأكبر للجميع. يقول ملفي سليمان وهو رجل كبير في السن «أهم شيء عند الأمانة التصريح المعتمد وهم وعدوني وإنشاء الله يوفون»، كان الرجل يتحدث وهو يرقب المكان بعينين مسح الزمن عليهما بآثاره، «حين يأتي رجال البلدية أهرب كما يهرب المخالف رغم إني مواطن وأصرف على أسرتي وما أبيعه ليس فيه ضرر على الناس ولا وقت صلاحية.. أبيع خواتم على الزوار وأطلب الرزق من الله». يعتبر كثير من الرجال والنساء هذه الأيام من العام فرصة مواتية لبيع السبح، الخواتم، الألعاب، والهدايا على اللحجاج والزوار، وهو ما يعتمد عليها الكثير ممن لم يلتحق بوظيفة أو لا تتوفر لديه إمكانات مادية لاستئجار محل تجاري، ما يراها الطريقة الأنسب لكف الأيدي عن السؤال بالعمل الشريف. وتظهر حالة من التضامن فيما بينهم حيال أي خطر محدق في الغالب رجال البلدية، اتجه اثنان من الباعة صوب رجل يبيع الخردوات في الساحة المركزية وهمسا له قائلين«الوضع غير مطمئن» قال مفسرا ذلك «نستخدم الهاتف الجوال والرسائل النصية في تنبيه بعضنا ونتعمد ألا نكون قريبين بشكل متلاصق»، لكن يبدو أن بعض أفراد البلدية يتعاملون مع هؤلاء الباعة برأفة ويتفهمون حاجتهم للبيع والكسب الحلال، فأثناء حديثي مع (محمد سالم) أحد باعة الساعات كان بجانبه أحد أفراد البلدية حذره بكلمات غير مفهومة وقبل ذهابه سريعا إلى العربات الجائلة الأخرى همس (العقيد في الطريق) فك رموزها قائلا: إن المسؤول هنا يركب دراجة نارية تعود في ملكيتها للعمالة وبمجرد أن يقترب من العربات أو البسطات يرمي محتوياتها على الأرض كي نتأخر في جمعها ويصل إلينا أفراد البلدية ويأخذون تعهدات أو غرامات تصل من 500 ريال إلى 2500 ريال». الجولة رصدت الوجود لموظفي الأمانة بشكل مكثف، من جانبه طالب رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في المدينةالمنورة عبد الغني الأنصاري الجهات المختصة بالتعامل مع هؤلاء الشباب بمسؤولية أكبر والبحث عن البدائل المناسبة عوضا عن الأساليب التي تمارس الآن من غرامات ومصادرة للبضائع «الحلول كثيرة، منها أن تزيد الأمانة عدد البسطات خلال المواسم أو الاستفادة من استثمار الأراضي التي لم تستغل كجزء من المسؤولية الاجتماعية لتلك الشركات التي لم تنفذ مشاريعها، وإنشاء محال صغيرة كبازار يقام في تلك المواسم تكون أكثر تنظيما وأكثر أمنا وفي نفس الوقت يستفيد منها الشباب، مشكلتنا أننا لا نعطي جانب البحوث حقه لمعالجة أية مشكلة، وبالتالي أرى أن مشكلة كهذه طالما تؤرق المسؤولين في الأمانة وتكرر بشكل مستمر يجب أن تدرس وتوضع لها الحلول المناسبة، فهؤلاء الشباب يبحثون عن حلول بديلة تلبي احتياجاتهم».