حين يبلغ الفتى مبلغ الرجال فإن أول دائرة رسمية يتعامل معها هي الأحوال المدنية، حيث يتلقى دورة مكثفة في الروتين فيكتسب مناعة ضد انفلونزا البيروقراطية ولا يخشى على نفسه من دوار المراجعات، بل إنه يكاد أن يرتدي كماما حين يدخل إلى الدوائر التي تحارب البيروقراطية مثل الجوازات. أول مهارة يتعلمها الفتى حين يذهب إلى الأحوال المدنية هي فن (تلبيق) السيارة في ثقب إبرة، فمن السمات الأساسية لمبنى الأحوال المدنية أن يكون في شارع مزدحم ولا توجد مواقف سيارات للمراجعين، أما المهارة الأخرى فهي أخذ الرقم من الجهاز الإلكتروني ثم المشاركة في التزاحم أمام الشباك، حيث يضع الملف في يد ويشير للموظف باليد الأخرى ويعض على الرقم الإلكتروني بأسنانه. ومن بين الأمور المهمة التي يجب أن يضعها الفتى بعين الاعتبار، أن الشبكات الإلكترونية ليس لها أية قيمة في هذا المكان، ففي أية لحظة يستطيع الموظف أن يكتب على الملف (مراجعة المصدر) وهنا سوف يتمدد وقت المعاملة من ثلاث ساعات إلى ثلاثة أشهر؛ لأن البريد بين إدارات الأحوال المدنية يعمل بالطاقة الشمسية، وفيزياء البيروقراطية تقول: إن الشيء الذي يتمدد بالحرارة لا ينكمش إلا بالواسطة. لو قلت لمديري الأحوال المدنية: إن بعض الدول المجاورة تضع فروعا مصغرة للأحوال المدنية في المولات والأحياء السكنية وترسل لك موعد انتهاء بطاقتك على الجوال، لقالوا لك إن في ذلك تساهلا في التعامل مع بطاقة الهوية المدنية فالمسألة ليست لعب أولاد، ولو قلت لهم إن شقيقتهم إدارة الجوازات تستعد لإصدار الجوازات عن طريق أجهزة موزعة في الأماكن العامة، لقالوا لك إنهم سوف يشعرون بوحشة لأنهم لم يصطبحوا بمشاهدة سحنتك البريئة وأنت تحاول اختراق الزحام. الأحوال المدنية هي العنوان الأول والأخير لعلاقة المواطن مع كافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وهي بحاجة إلى نقلة نوعية لتجاوز واقعها الذي لا ينتمي إلى هذا العصر، ويكفي أن نشاهد الجموع المتزاحمة أمام فروعها الرئيسية لنعرف بأن تطوير آليات العمل في هذه الإدارة قد أصبح مسألة ملحة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة