انتهى الخبر الذي طارت به الصحافة السعودية الأربعاء الماضي، حول أرقام الفساد الإداري في البلاد بجملة لذيذة جدا من هيئة الرقابة والتحقيق تقول: «كما قامت الهيئة بمتابعة ما ينشر في الصحف من مواضيع تتعلق بقصور بعض الأجهزة الحكومية حيث تم استخلاص 315 موضوعا تعمل الهيئة على متابعتها مع الجهات ذات العلاقة». ولكم أن تتصوروا أن هذا الرقم هو خلاصة التنقيب ومطاردة أخبار المواطن في كل الصحف السعودية طوال عام كامل. ومع هذا الرقم كنت أتمنى أن تتفضل علينا هيئة الرقابة بشرح الطريقة التي اعتمدتها عند قراءة عشرات الشكاوى اليومية التي تعبئ صفحات الصحف: كيف تنتقي الشكاوى وتقرأها؟ كيف تمحصها وتستخلصها ثم تصفيها حتى تخرج من كل يوم تقريبا بمتابعة تقرير صحافي واحد ضمن عشرات التقارير التي يشتكي فيها المواطن من سوء الخدمة وقلة الاهتمام؟ بل الأهم كيف تقرأ هيئة الرقابة الصحف؟ هل تتجول قليلا في الصفحات ذات الشأن المحلي، أم أن غزواتها تستأثر بها باقي الصفحات ذات الوجوه الناضرة وألوان الطيف الرياضي؟ وأقول «قليلا» لأني أجزم أن مرورا عابرا بتلك الورقات المحلية سيكشف عن رقم يتجاوز ما رصدته الهيئة بخمسة أضعاف على أقل تقدير. بالأمس فقط سحبت من أربع صحف، 13 قضية محلية تنتظر حلها على أيدي مسؤوليها المباشرين منذ عدة أشهر وبعضها معلق لسنوات مضت وما زالت تنتظر! أليست تلك القضايا هي التي تستأثر باهتمام هيئة الرقابة؟ أصارحكم أني بدأت أشعر بالشفقة على المواطن الذي يعلق أمله في مربع صغير بإحدى الصحف، يبث معروضه فيه ويعتقد أن الاستجابة ستتأخر يوما أو يومين ثم تأتي، ولا يعرف المسكين أن شكواه إذا لم تسحب اهتمام وخجل من يشكو منه باشتمالها على فضيحة إدارية من العيار الثقيل.. فإنها قد، ولاحظوا كلمة «قد»، تأخذ طريقها إلى مشروع يا نصيب وحظ على طاولة «الرقابة».. قد تختارها أو لا وذلك يعتمد على مزاج المراقب ورغبته في رصد الأخطاء الإدارية في ذلك اليوم. ومسلك الشكوى بعاليه لأحد الطريقين السابقين لن يتجاوز أيضا لعبة الحظ، وإلا فإن الطريق إلى سلة المهملات واسع جدا جدا ولا يجلب هما لهذا أو ذاك. أخيرا أجزم لكم، أن ما كتب بالأعلى هو أول من سيأخذ طريقه اليوم إلى تلك السلة الواسعة. هذه سنة الصحافة مع من تنتقدهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة