أكد الرئيس التنفيذي ل«مينا كوميونيكيشن جروب» جوزيف غصوب أن السوق السعودية رغم الأزمة المالية العالمية ما زالت تستحوذ على 35 في المائة من الإنفاق الإعلاني في منطقة الشرق الأوسط. وقال غصوب، رائد تحديث حقل الدعاية والإعلان ومهندس تطوير العلاقات العامة في الشرق الأوسط، في حوار أجرته معه «عكاظ»، إن السوق السعودية هي الأقل تضررا من الأسواق الأخرى، لافتا إلى تراجع الأسواق الخليجية بسبب الأزمة 25 في المائة، وأشار إلى أن جائزة «عكاظ» للإبداع الإعلاني قيمة ومحفزة وتعزز التكامل بين الإعلام والإعلان وتهدف إلى تنمية الإبداع في هذا المجال. وقال إن الحصول على السيولة النقدية والحفاظ على الكوادر البشرية هو أكبر تحد تواجهه الشركات الإعلانية، وكشف عن تراجع حجم إعلانات قطاع السيارات والعقارات والمصارف في المنطقة بسبب الأزمة، وقال: «وفرنا التكامل بين الإعلام والإعلان لعملائنا في منطقة الشرق الأوسط، واتخذنا تدابير احترازية مكنتنا من الخروج من الأزمة بأقل الخسائر». وإلى وقائع الحوار: • كونكم تملكون إحدى كبرى الشركات الناجحة في مجال الدعاية والإعلان، كيف تفسرون تراجع السوق هذا العام في ظل الأزمة المالية الراهنة التي تأثرت بها الأسواق؟ بدأت الأزمة في سبتمبر 2008 تقريبا، واجتاحت العالم بأكمله دون استثناء في وقت قصير، بل ربما أستطيع القول إنها أصابت السوق بالخلل والضعف قبل حلول عام 2009 وتأثرنا بها مباشرة. • كيف تفسرون تراجع سوق الإعلان؟ كلنا يعلم أن العالم برمته قائم على الاقتصاد، وبسبب ما حصل خفضت الشركات الخليجية والشرق أوسطية والعالمية من أعمالها، ووفق البحث الذي أجريته حول حجم الإعلانات في الصحف تبين لي أنها تشهد انخفاضا مطردا في حجم إعلاناتها نتيجة للكساد الاقتصادي، وقبل سبعة أشهر وصلت الأعمال إلى مستويات متدنية، خصوصا في شركات العلاقات العامة والإعلانات التي بدأت في التراجع مع نهاية 2008 أو أوائل 2009، ويكفي أن نقول إن أكثر ما تضرر هو العقار لنعرف التأثيرات الخطيرة للأزمة العالمية، يضاف إلى ذلك تقلص عدد العملاء الذين يدفعون نقدا، في ظل وجود مستحقات أصبح من الصعب تحصيلها في موعدها، كل هذا وغيره أدى إلى تراجع السوق. أوضاع قاسية وكيف كانت قراراتكم لمواجهة الوضع؟ كانت القرارات صعبة في قطاع عملنا، لاسيما في ظل أجواء ساد فيها توجه نحو تقليص عدد الموظفين أو تخفيض الرواتب، وكنا أمام أوضاع قاسية، وبعد النصف الثاني من العام بدأت الأمور تستقر، ولا يمكننا أن نقول إنها تحسنت بشكل كبير بل هناك استقرار نسبي. يضاف إلى ذلك أن صعوبة الأوضاع أدت ببعض الشركات إلى الإفلاس، خصوصا في دولة مثل أمريكا كما سمعنا عنها، ولكن في المملكة تأثرت السوق المالية ولكن ربما بقدر أقل من غيرها مقارنة مع دول أخرى. وهناك شركات كبيرة منيت بخسائر ولا بد لها أن تفكر في كيفية تعويض خسارتها. تراجع أسواق الخليج 25% • ما ذا عن اسواق الخليج والمنطقة؟ تراجعت أسواق الخليج والمنطقة بنسبة 25 في المائة، وبالنظر إلى نتائج 2009 فإنها لن تزيد حسب تقديريا عن نصف ما حققته من نتائج في 2006 أو2007، ولكن 2008 كانت سنة جيدة، إلا أن النتائج في المملكة أقل تأثرا بالأزمة 15 إلى 18 في المائة، فعجلة النمو في المملكة في تحسن، والنمو السعودي في الإنفاق الإعلاني كان طبيعيا في 2009 مقارنة بالعام 2008 الذي يعد أقل منه. أما في الإمارات فكان الإنفاق بالنسبة للعقار في العام الماضي أفضل من الإنفاق السعودي، لاسيما أن البنوك توقفت عن ضخ السيولة النقدية من خلال القروض، وتوقفت الكثير من المشاريع، وذلك يشمل كل دول الخليج. وعلى الرغم من الأزمة المالية العالمية وتدهور الأسواق، فإن السوق السعودية تعتبر من الأسواق الأقل تضررا، وأنا على ثقة من أن «مينا كوم» ستحظى بنصيب مميز من حصة سوق الإعلان في المنطقة. تدابير احترازية • وكيف تجاوزتم الأزمة؟ تضم مجموعتنا 11 شركة يعمل فيها حوالي ألفي موظف، وتأثرنا كباقي العالم، ولكننا اتخذنا تدابير احترازية وربما كنا سباقين في ذلك. لقد أدركنا حجم المشكلة، وأوقفنا مشاريعنا التوسعية، كذلك التوظيف، الأمر الذي مكننا من مواصلة مسيرة عملنا، وحاولنا كمؤسسة أن نخرج بأقل قدر ممكن من الخسائر. العام المقبل أفضل • ما هي توقعاتكم للعام المقبل؟ أتوقع أن يكون 2010 أفضل من 2009، وأنا بطبعي أميل إلى التفاؤل، فكثرة التشاؤم تؤدي إلى الفشل. لذلك أرى أن بين كل محطة ومحطة هناك تغيير، وفي كل محطة لا بد أن يتأثر مجال عملنا ويشهد تغييرات، ولكننا نعرف كيف نتعامل مع المستجدات. • كيف تصف المعطيات المستقبلية في ظل ما حدث من انهيار اقتصادي؟ من الطبيعي أن تؤدي هذه الأزمة إلى متغيرات عديدة، لاسيما أننا في عصر الديجيتال، فالتطورات باتت متسارعة وأثرت بشكل كبير على عاداتنا، ولكن ما يقف عائقا أمامنا ويجعلنا متأخرين عن اللحاق بالركب العالمي في التطور والتقنية المتسارعة، هي عقبة اللغة، وأعتقد أن الجيل الجديد ربما يكون أسرع منا في مواكبة هذا التغيير. تكامل المرئي والمسموع • كيف تعملون على إصلاح ما تسببت به الأزمة الاقتصادية؟ لا شك أن ما أجريناه من تغيير لأنفسنا جاء بعد جهد كبير وتفكير عميق في وضعنا في السوق وفقا للمجريات الأخيرة، وما يحتاجه العميل في المستقبل القريب والبعيد. وفكرنا في الخطة التي سنعمل عليها، بطريقة استراتيجية محكمة وتكتيكية مقبولة وقادرة على مواكبة المتغيرات المقبلة. كان الاسم القديم لشركتنا بعيدا عن مجال الإعلام، وغيرناه إلى «مينا كوم جروب»، وهذا يجسد عزمنا على التعامل مع الأوضاع الجديدة، وهو مؤشر لانطلاقة مختلفة وطريقة استراتيجية للتعامل مع المستجدات، والجديد في خطتنا هو تركيزها على أهمية التكامل بين الإعلام المرئي والمسموع، فالقبول بالتغيير هو بحد ذاته بداية التغيير في الشكل أولا ثم بعد ذلك يأتي التغيير في المضمون. التطوير من الداخل • هل تعتبر أن اسم الشركة الجديد يتوج انطلاقة مختلفة تتوافق مع التغيير الذي طرأ على السوق الإعلامية؟ سوق الإعلام لا تتغير كثيرا، ولكنني أؤمن بأن التغيير والتطوير يبدآن من الداخل وليس من الخارج، ولاحظنا أن الاسم القديم للشركة لا يعكس الانتماء إلى المؤسسة الأم بشكل قوي، لذلك انطلقنا في الوقت الحاضر بشكل مختلف وجدي، وهذا ما دفعنا إلى تبني التغيير واختيار الاسم الأنسب. بماذا تفسرون عدم الانتماء الكامل إلى قطاعات شركتكم؟ نحن مجموعة شركات متخصصة في قطاعات عدة منها الإعلان والإعلام والعلاقات العامة، وكل واحدة من هذه الشركات تعيش عالمها الخاص ومسؤولياتها، ولا يتدخل كل منا في الآخر من حيث الربح أو الخسارة وعلاقاته مع عملائه، ولكن الآن مع الاسم الجديد والروح الجديدة للشركة أصبح الوضع مغايرا للسابق، فعندما نقترح على أي عميل الخدمة التي نود تقديمها نشعره بتكاملها وأنه يستطيع أن يأخذ فكرة وخدمة في الإعلان وفي نفس الوقت يستطيع أن يأخذ خدمة مميزة في العلاقات العامة وأيضا في الإعلام، وبذلك نضمن التكامل المنشود. ونحن حاليا نلتقي مع العميل كسفراء ل«مينا كوم جروب». السيولة أكبر تحد للشركات • ما هي المشكلات التي تواجه الشركات في سوق الإعلان؟ هناك شقان من المعضلات القوية في هذا المجال نواجهها ونعمل على تجاوزها، وتبدأ بالقروض المتراكمة والمستحقة التي لم ينظر في مشكلتها بعد، ولا تنتهي بالحفاظ على الكوادر البشرية الماهرة، واليوم إن لم تستطع أن تعطي الموظف الراتب أو الحافز، ربما تخسر الشركة أفضل الكوادر العاملة لديها، ولا نريد أن نخسر أحدا منهم وإنما هذه أمور تحدث، ولكل موظف ظروفه، ولا شك أن الظروف التي شهدتها السوق خلال الفترة الماضية، قد غيرت تلك المقاييس في التعامل مع الموظفين، وبالتأكيد أن التحدي الذي تواجهه الشركات هو الحصول على السيولة النقدية والحفاظ على الكوادر البشرية، وغير ذلك يمكن ترتيبه واستعادته. • كيف يمكن أن تدافع شركة إعلانية متعثرة بسبب الأزمة عن نفسها في سوق الإعلان؟ لكل شركة طريقتها في التعامل مع الأزمة الاقتصادية بما يتناسب مع ظروفها، هناك، على سيبل المثال، المستحقات التي تقف عائقا أمام الشركات، وقد نظمنا عددا من الاجتماعات لإيجاد الحلول البديلة واضعين في الاعتبار أن هناك شركات أعلنت إفلاسها بسبب تلك الأزمة. • هل كان هناك تعاون من قبل الطرف الآخر في تقدير الموقف الذي تمرون به؟ بالتأكيد هناك تعاون، والكل يعلم مدى تأثير الأزمة على الجميع، ووجدنا مرونة وتجاوبا مع هذا الوضع. للضرورة أحكام • هل تعتقد أن المنطقة بحاجة إلى دخول استثمارات أجنبية أو شريك أجنبي للتعامل مع الحالة القائمة؟ ليس بالضرورة، ولكن ربما للضرورة أحكام، وأعتقد أن الشركات العالمية أتت للمنطقة ليس من فراغ وإنما لتوقيع عقود تخدم مصالحها وتنشط سوقها الخارجي، وهي لم تعمل مع كل الشركات وإنما عمدت إلى شراء حصص في الشركات الناجحة فقط، واشترت شركات. وبالطبع استفادت المؤسسات المحلية من ذلك، حيث وسعت آفاق موظفيها، وأضافت خبرات جديدة من العالم أجمع وهذه أمور لها قيمتها. • من خلال خبرتك، ماذا ينقص سوق الإعلان السعودية؟ ربما لم يكن قطاع الإعلان سابقا يروق للشباب في المملكة، ولكننا نشاهد حاليا أعدادا متزايدة من الشبان يعملون في الإعلانات وهم ناجحون جدا. والواقع أن دخول هذا القطاع يتطلب أن تحب المهنة لأن مجالنا يجمع بين الهواية والاحتراف والتضحية بالوقت والجهد. إعلانات السيارات والعقارات • الإعلانات تنشط في موسم الإجازات، ولكن هناك شركات معلنة اختفت من الساحة أو ربما ظهرت إعلاناتها بشكل محدود؟ غالبية من تأثروا هم شركات بيع الكماليات، وموسم الإجازات يشهد سباقا إعلانيا أقوى من غيره من المواسم، ومع ذلك غابت إعلانات بعض الشركات التي تأثرت بالأزمة كالسيارات والعقارات والمصارف. • كيف تصف علاقة شركتكم بمؤسسات الإعلام؟ هي علاقة أعتز بها وأحترمها، وعندما نعمل مع مؤسسة إعلامية نقيم معها أفضل العلاقات. فنحن مكملون لبعضنا البعض ونعمل يدا بيد في المجال للارتقاء دائما بمعاييره. • مع تعدد وتنوع أساليب وسائل الإعلان، ما هي أكثر الوسائل أهمية واستخداما من ناحية الإنفاق؟ اليوم نجد أن الإعلان المقروء يستحوذ على نسبة تتراوح ما بين 60 إلى 80 في المائة من اهتمام الجمهور، ولا يهتم الكثيرون بالإعلام المرئي بقدر قوة الإنترنت والSMS كإعلان، والصحافة لابد أن تواكب بطريقة أسرع وتتفهم رغبات الجيل الناشئ الذي لا يقرأ وتمده بمواضيع مشوقة لاجتذابه، وتنمية تطلعاته، وجيل اليوم هو جيل البحث، يأخذ من البحث ما يريد فقط، هو ليس جيل قراءة أو تصفح. جائزة «عكاظ» تبنت «عكاظ» أخيرا جائزة الإبداع الإعلاني، كيف تقيمون هذه الخطوة؟ نشكر «عكاظ» على هذه البادرة القيمة والمحفزة، فمنطقة الخليج عموما والمملكة خصوصا، تزخر بالمواهب الإعلانية. وسوق الإعلان لها خصوصيتها في المنطقة، ومن هنا تتجلى أهمية هذه المبادرة التي تشكل دعما للتكامل بين الإعلام والإعلان، وتهدف إلى تنمية الإبداع في هذا المجال بما يحترم هذه الخصوصية ويطورها، تحت مظلة مؤسسة رائدة مثل «عكاظ». • ذكرت في بداية اللقاء أن السوق الإعلانية في الإمارات استحوذت على النصيب الأكبر من الإعلانات مقارنة مع نظيرتها في المملكة العام الماضي، ولكن حاليا ما هو تقديركم للسوق الإعلانية في المملكة مقارنة بالخليج؟ في وقت من الأوقات كانت المملكة تمثل 50 في المائة من الإنفاق الإعلاني في السوق الخليجية، واليوم تراجعت، ويبلغ نصيبها 35 في المائة من الإنفاق الإعلاني في منطقة الشرق الأوسط. • ما هي القطاعات التي تتوقعون أن تستأثر بالسوق في 2010؟ القطاعات الكبيرة التي كانت تسيطر على سوق الإعلانات هي السيارات والمصارف والاتصالات، وستبقى في المستقبل هي نفسها في 2010، وستحتفظ بالنسبة الأعلى من الإنفاق، وسط تراجع سوق العقار. • كيف يستفيد قطاع الإعلان من التقنية والديجيتال والإنترنت؟ اليوم بالطبع حياتنا أصبحت تتحرك مع التقنية وتطوراتها، وقطاع الإعلان ينشط مع تطور التقنيات التي يسخرها لصالحه، ومنها الرسائل القصيرة sms والإنترنت، كي تصبح منتجاته منتشرة وحاضرة في كل مكان وعبر كافة الوسائل. جوزيف غصوب .. نجاحات وأوسمة يشغل جوزف غصوب منصب الرئيس والرئيس التنفيذي ل «ميناكوم». حائز على جائزة «أريبيان بيزنس للإنجازات» عن فئة «الريادة في الأعمال» 2008 من محافظ مركز دبي المالي العالمي. جائزة «دبي لينكس لشخصية العام» 2008. جائزة رجل العام من مجلة «كامبين ميدل إيست» 2006. صنفته مجلة «أرابيان بيزنس» ضمن قائمة العرب ال 100 الأكثر تأثيرا في العالم 2009. شغل مهمات الرئيس ورئيس المجلس العالمي للجمعية الدولية للإعلان (IAA) أكبر تحالف في العالم لقطاع العلاقات والاتصالات التسويقية حتى عام 2008. أعادت حكومة دبي تعيينه في 2007 عضوا في مجلس إدارة مؤسسة دبي للإعلام. رأس مجلس العمل اللبناني في الإمارات، وهو عضو في مجلس إدارة الجامعة الأمريكية في دبي. يحمل وسام الأرز اللبناني 2004، ودرع رئاسة الجمهورية اللبنانية 2006 تقديرا لعطائه وإنجازاته وتكريما لدوره كرئيس للمجلس العالمي للجمعية الدولية للإعلان.