رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي، ولست أدري لو كان حيا كم سيكون مبلغ دهشته لواقع هذه الأيام التي تحبل وتلد إشكالات جديدة لا حصر لها، ومسكين هو عقل وفكر الإنسان العربي كم يصارع وهو يعيش في دوامة الإشاعات المفبركة والمبتكرة، التي تحمله على أن يوزع اهتماماته فيما لا طائل من ورائه وبأسلوب اللامعقول. الخنازير وهذه الضجة: بلغت الإثارة مبلغها في هذه الأيام، واحتلت هذه الأزمة مساحات شاسعة من صدر صفحات الإعلام العربي والشاشات الفضية ورسائل الجوال، وبأسلوب أسمع جعجعة ولا أرى طحنا. إن ما يخص العالم العربي من هذا المرض المزعوم أخذ حيزا كبيرا من اهتمامات المسؤولين، وحمل الرعب وتسلط ليثير المخاوف وليعطل النشاط وليستولي على اهتمامات الكبار والصغار، وخاصة هنا في أرض الحرمين، حيث تكون التجمعات نتيجة توافد الوافدين للعمرة والزيارة وللحج من كل بقاع العالم، وانحصر الاهتمام والتركيز علينا وعلى دول الخليج، في الوقت الذي يسود السكون والهدوء وراحة البال والطمأنينة سائر دول العالم، وخاصة أمريكا الجارة اللدود للمكسيك التي صدرت هذا الوباء، وسبحان الله، فكل القادمين من أمريكا ومن أوروبا والغرب بمجمله حتى الشرق فإنهم لا يكادون يلحظون أدنى إشارة أو ملمح لهذه الفتنة أو الموضة أو المؤامرة المزعومة أو المسرحية الهزلية التي كتب نصها وأخرجت من لدن المختصين في الغرب، ويعلم الله من هم وراءها؟، وما هي الدوافع الحقيقية لها؟، ولماذا استهدفت هذه المنطقة وإنسانها؟، وإنني لا أكاد استبين سببا جوهريا ومنطقيا لكل هذه الضجة الكبرى، فكل الأطباء الذين أثق فيهم والعائدين للتو من مؤتمرات للأنف والأذن والحنجرة وللصدر ولشتى التخصصات يكادون يغرقون فى قاع الدهشة والاستغراب، فهم لم يواجهوا أو بالأحرى لم يجدوا على جدول الأعمال اية فقرة حتى ولو فرعية تشير إلى هذه الفزاعة، ومما يؤكد بكل أسف أن هذه الضجة إنما هى مفتعلة، وكما أشرت فبواعثها يعلمها الله، وإن كانت المؤشرات تكاد تجمع على أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن أغراضا غير شريفة وغير إنسانية تقف وراء تصعيد أمثال هذه الأمراض وفبركتها، مما يشغلنا ويعطل فينا الإنتاجية ويجعل الرعب والخوف يسكن منازلنا، إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وبإصرار .. إلى متى ونحن نقع تحت رحمة الاستهداف كهذه الحالة الشاذة، إن وباء كوباء الملاريا المستوطن والذي يذهب ضحيته في كل عام الملايين لكنه لم يحظ بهذه الضجة الإعلامية، ولم يكن أبدا هاجسا يثير الخوف كهذه الانفلونزا. وتظل هذه الانفلونزا هي مسمار جحا، فمن الطيور إلى الخنازير .. كفى فقد سئمنا هذه الترهات وهذه الألاعيب الرخيصة والمكشوفة والمبتذلة من قبل لصوص المال الذين لا يبالون من أين يجمعونه، إذ أنهم معدومو الضمير والأمانة، فعشعشت الأطماع والجشع وحب المال على أفئدتهم، وفي غفلة من صحوة الضمير العالمي المسؤول راحوا يمارسون كالخفافيش أساليبهم القذرة في غياب وعي عالمي حر ومستنير يقف فى وجه هذا التسرطن الذي لم يعد محمولا ولا مقبولا، فهو قد تخطى حدود اللياقة والإنسانية؛ مما يحملنا على احتقار كل من هم وراء هذه الأفكار المبتذلة والرخيصة، ولابد من وقفة أمينة وصادقة ومسؤولة من عقلاء العالم لتفنيد هذه المزاعم الرخيصة وتجنيب العالم شرور هؤلاء، والوقوف بحزم فى وجه مثل هذه الموجات المتلاحقة والمزاعم الجوفاء، وكفانا فرجة، وكفانا سكوتا في الوقت الذي ينشط هؤلاء ويمضون إلى تحقيق رغباتهم من التهويل وإثارة الفزع .. وحسبي الله ونعم الوكيل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة