تعتبر محطة الصرف الصحي في شمال محافظة الرس إحدى معوقات التمدد العمراني باتجاه الشمال وقد عاني سكان الأحياء الشمالية للمحافظة الأمرين جراء الروائح الكريهة المنبعثة من هذه المحطة ومن المجرى الذي تصب فيه مخلفات أحواض الصرف الصحي حيث تنساب المياه لمجرى وادي الرمة طوال العام محدثة كارثة بيئية إذ تقوم المواشي بالشرب من تلك المياه والأكل من الأعشاب التي تنبت على ضفتي المجرى.. «عكاظ» قامت بجولة على المحطة وسجلت المشاهدات التالية: ما أن تقترب من موقع محطة الصرف الصحي، حتى تشاهد قطعان الإبل وهي تتقاطر على الشرب من المياه غير الصالحة المطمورة بها الأرض وتأكل من النباتات التي اخضرت بفعل المياه الكريهة. تشفق حينها على من تغنى ب (ناقتي..ياناقتي). عند الاقتراب من المرتع الآسن عليك أن تلوذ بيديك على وجهك لإبعاد الحشرات. وحينما تتهادى بقدميك داخل الحي الملاصق لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي فإنه ينبغي عليك أن تقاوم الرائحة الكريهة التي عبأت المكان. إنها معاناة بيئية تستلزم التفكير في الانضمام إلى جماعة الاحتباس الحراري والدعاء بطول العمر لأصدقاء البيئة.. المواطن محمد المزيني يشعر بالألم ويقول: «الأرض التي كانت فيما مضى خصبة وصالحة للزراعة تحولت إلى مكان للأوبئة، والرياح تنقل الجراثيم والبعوض الناتج عن ركود الأحواض الصرفية إلى محافظة الرس والقرى المجاورة». تتبع محطة معالجة مياه الصرف الصحي فنيا فرع وزارة المياه في منطقة القصيم لذا يتساءل محمد الخليفة عن وعود الفرع: «وعدونا في وقت سابق بإتمام المعالجة الثلاثية التي ستقضي على الكثير من مشكلات هذه المحطة، ومضى عامان ولم نر أية معالجات بل إن الأمر يزداد خطورة على صحة المواطنين». أثناء مشاهدة قطعان الإبل وهي ترتوي من مياه الصرف الصحي، قفز إلى الذهن سؤال: ما الذي سيحدث لمن أكل من لحمها وشرب من حليبها؟ توجهنا للطبيب البيطري الدكتور عثمان أحمد رغبة في الحصول على إجابة وأكد لنا: «حتما سيكون هناك تسمم فطري للطحالب التي تتكون في تلك المياه وعندما تقوم الحيوانات بأكل العشب أو شرب الماء فسيتسمم ذلك الحيوان إضافة إلى الإصابة المباشرة بالديدان المعوية وانتقال الأمراض الدموية التي تنتقل عبر الحشرات الماصة كالبعوض ونحوها يعقب ذلك انتشار أمراض الملاريا والهيام وأنواع أخرى متعددة من الأمراض. وتعد بيئة مياه الصرف الصحي ملائمة جدا لتكاثر حشرة الجرب والقراع وغيرها. ناهيك عن اسوداد اللحم وتليف الرئتين والكبد لكل حيوان يشرب من تلك المياه».. كلام علمي خطير ذلك الذي أدلى به لنا الطبيب البيطري فحملنا الأسئلة المليئة بالدهشة لمدير المياه في منطقة القصيم المهندس عبد الكريم الفوزان وزودنا قائلا: «العمل قائم في مشروع رفع كفاءة محطة المعالجة الثالثة في محافظة الرس، وسوف يتم البدء بتشغيل المحطة خلال شهر صفر من عام 1431ه».