شدد صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم رئيس وفد المملكة العربية السعودية في الدورة ال 35 للمؤتمر العام لليونسكو في كلمة ألقاها أمام المؤتمر في باريس أمس على ضرورة ألا تغيب عن أذهان العالم اليوم أهم ثلاثة مبادئ تمس حياة مواطن القرن الجديد، وتتمثل: في القبول بالجيرة الكونية بما لها وعليها من حقوق وواجبات، إتاحة المجال لتقاسم فرص التعلم والحياة الكريمة، والحفاظ على عناصر طبيعة الكون الذي يظلنا جميعا. وقال إن هذه المبادئ مشروعة وممكنة تحتمها علينا مسؤولياتنا الدينية والإنسانية والأخلاقية.. وتحتاج إلى استمرار التعاضد الدولي من أجل التخلص من بذور الخلافات والتغلب على التحديات التي خلفتها فوضى بعض المفاهيم والممارسات الممعنة في الغطرسة والأنانية فيما مضى. وأضاف: لقد علمنا التاريخ أن المغالاة تؤدي إلى الفوضى، فعندما مارس الإنسان في بعض تصرفاته بأنانية مغامرات الإقصاء والتهميش والتفرد بالرأي والقرار الأحادي بهدف السيطرة وتحديد مصير أخيه الإنسان تولد ما هو أشد خطرا وفتكا فيما يعرف بحركات الإرهاب والتطرف من جراء غياب العدل والمساواة. وعندما أساء استغلال الطبيعة نشأت معركة غير متكافئة أثبتت عجز الغني والفقير على حد سواء بعد أن انهارت كل تداعيات القوة أمام صلابة الاحتباس الحراري، التي تتهدد الحياة في البر والبحر والجو. واستطرد: إننا إزاء هذه الأوضاع المتصاعدة والقضايا الحيوية بحاجة إلى أن نمد أيدينا برسالة تعبر عن قناعتنا بمعادلة التوازن، فمتطلبات النمو الاقتصادي يجب أن تلتقي مع متطلبات الكون لا أن تتصادم معه وتلوثه. ومظاهر العداء المتوهمة بين بني البشر المبنية على العرق والدين والثقافة والثروة يجب أن تتضاءل، وإلا فإن أوجاع العالم لن تستكين. وقال إننا متمسكون بالأمل في مستقبل أكثر إشراقا من خلال مساهمات اليونسكو المتجددة بوصفها محركا لمبادرات تلمس ضمير العالم اليوم. وإن المملكة بوصفها رمز العالم الإسلامي وحاضن قبلته وتتجه إليها أنظار مليار ونصف المليار مسلم ترحب بكل المساعي لتحقيق أهداف اليونسكو المعرفية والثقافية والإنسانية. وقد عبرت عن ذلك قيادتها في كافة المحافل الدولية، حيث تؤكد المملكة التزامها الأخلاقي الثابت تجاه المواثيق والعهود الدولية الصادرة عن المنظمة في إطار رسالتها الإنسانية. وقد ترجمت ذلك عمليا بتقديم ما يزيد عن 90 مليار دولار خلال العقود الثلاثة الماضية على هيئة مساعدات وقروض ميسرة غير مستردة استفادت منها 86 دولة نامية.. وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة بحسب الأممالمتحدة، علاوة على تبرع المملكة لصندوق تمويل الأبحاث والدراسات الخاص بتغير المناخ بمبلغ 300 مليون دولار. وقد استحق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لقب البطل العالمي لمكافحة الجوع العام الماضي الذي منحه إياه برنامج الغذاء العالمي تقديرا لتبرعه ب 500 مليون دولار لمساعدة فقراء العالم. وأشار إلى أن المشروع الشامل للملك عبد الله لتطوير التعليم العام والتعليم العالي في المملكة، ومن أبرز ثمار هذا المشروع ما تم أخيرا من افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بحضور عدد من زعماء وعلماء العالم، وهي الجامعة التي تستهدف استقطاب العقول العالمية لإدارة الأبحاث حول المشاكل الكونية المختلفة.. علاوة على مبادرات المملكة للحث على الاهتمام بالقيم الإنسانية من عدل وتعاون وأمن واستقرار والحفاظ على الأسرة ومواجهة الصراع بين البشر بالحوار والتعايش السلمي ومشاركتها في كافة المحافل الدولية.. ومن ذلك تبني المملكة للمؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الأديان والفلسفات الوضعية المعتبرة المنعقد في مدريد الذي توج بمؤتمر الأممالمتحدة في نيويورك 2008م. ودعا إلى أن يبقى ملف الحوار بين الثقافات مفتوحا، مشيرا إلى أنه أحد أهم العلامات المضيئة في مسيرة عمل المنظمة في سعيها للحد من الخطاب المتشنج، وتعزيز ممارستنا لترسيخ ثقافة التسامح والتعايش والاحترام المتبادل في كافة أنشطتنا الاجتماعية، وأن نرسم خطا جديدا للاستواء تلتقي على ضفافه كل الثقافات والحضارات بوصفها حقا لكل أمة عبر مقومات السلام الأكثر نفاذا وديمومة وهي التربية والثقافة والعلوم.