دعت السعودية إلى تطبيق القرارات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية والثقافية في الأراضي العربية المحتلة والإسهام في صون تراث مدينة القدس القديمة، وقبول طلب انضمام فلسطين إلى عضوية منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، مشددة على أن أوجاع العالم لن تستكين ما لم تتضاءل مظاهر العداء المبنية على العرق والدين والثقافة والثروة. وشدد رئيس الوفد السعودي وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله في كلمة ألقاها في الدورة ال35 للمؤتمر العام لليونيسكو في جنيف أمس، على ضرورة ألا يغيب عن أذهان العالم اليوم أهم ثلاثة مبادئ تمس حياة مواطن القرن الجديد وهي القبول بالجيرة الكونية بما لها وما عليها من حقوق وواجبات، وإتاحة المجال لتقاسم فرص التعلم والحياة الكريمة، والحفاظ على عناصر طبيعة الكون الذي يُظلنا جميعاً. وأضاف أن هذه المبادئ مشروعة وممكنة تُحتّمها علينا مسؤولياتنا الدينية والإنسانية والأخلاقية، وتحتاج إلى استمرار التعاضد الدولي من أجل التخلص من بذور الخلافات والتغلب على التحديات التي خلّفتها فوضى بعض المفاهيم والممارسات الممعنة في الغطرسة والأنانية في ما مضى. وتابع: «علّمنا التاريخ أن المغالاة تؤدي إلى الفوضى، فعندما مارس الإنسان في بعض تصرفاته بأنانية مغامرات الإقصاء والتهميش والتفرد بالرأي والقرار الأحادي للسيطرة وتحديد مصير أخيه الإنسان، تولّد ما هو أشد خطراً وفتكاً في ما يُعرف بحركات الإرهاب والتطرف من جراء غياب العدل والمساواة، وعندما أساء استغلال الطبيعة نشأت معركة غير متكافئة، أثبتت عجز الغني والفقير على حد سواء، بعد أن انهارت كل تداعيات القوة أمام صلابة الاحتباس الحراري، التي تتهدد الحياة في البر والبحر والجو». ولفت إلى أن متطلبات النمو الاقتصادي يجب أن تلتقي مع متطلبات الكون لا أن تتصادم معه وتلوثه، ومظاهر العداء المتوهّمة بين بني البشر المبنية على العرق والدين والثقافة والثروة يجب أن تتضاءل وإلا فإن أوجاع العالم لن تستكين. وكرر وزير التربية السعودي تمسك بلاده بالأمل في مستقبل أكثر إشراقاً من خلال مساهمات اليونيسكو المتجددة بوصفها محركاً لمبادرات تلمس ضمير العالم اليوم، مضيفاً أن السعودية بوصفها رمزَ العالم الإسلامي وحاضن قبلته، تتجه إليها أنظار بليون ونصف البليون مسلم، تُرحب بكل المساعي لتحقيق أهداف اليونيسكو المعرفية والثقافية والإنسانية. وقال: «قيادة بلادي عبّرت عن ذلك في المحافل الدولية كافة، إذ تؤكد التزامها الأخلاقي الثابت تجاه المواثيق والعهود الدولية الصادرة عن المنظمة في إطار رسالتها الإنسانية، وترجمت ذلك عملياً، بتقديم ما يزيد على 90 بليون دولار خلال العقود الثلاثة الماضية على هيئة مساعدات وقروض ميسّرة غير مستردة استفاد منها 86 دولة نامية - وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة بحسب الأممالمتحدة - علاوة على تبرع المملكة لصندوق تمويل الأبحاث والدراسات الخاص بتغير المناخ بمبلغ 300 مليون دولار». ولفت خلال المؤتمر الذي تستمر أعماله حتى الثالث والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز استحق لقب البطل العالمي لمكافحة الجوع العام الماضي الذي منحه إياه برنامج الغذاء العالمي تقديراً لتبرعه بمبلغ 500 مليون دولار لمساعدة فقراء العالم. وتطرق إلى المشروع الشامل للملك عبدالله لتطوير التعليم العام والتعليم العالي في السعودية، مشيراً إلى أن من أبرز ثمار هذا المشروع افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الأسبوع الماضي لاستقطاب العقول العالمية لإدارة الأبحاث حول المشكلات الكونية المختلفة. وتحدث عن مبادرات المملكة للحث على الاهتمام بالقيم الإنسانية من عدل وتعاون وأمن واستقرار والحفاظ على الأسرة ومواجهة الصراع بين البشر بالحوار والتعايش السلمي ومشاركتها في المحافل الدولية كافة، ومن ذلك تبني المملكة المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الأديان والفلسفات الوضعية المعتبرة المنعقد في مدريد، الذي توج بمؤتمر الأممالمتحدة في نيويورك 2008.