تنطلق اليوم في جنيف جلسات المؤتمر العالمي «مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية»، الذي دعت إليه رابطة العالم الإسلامي. وتتوزع جلسات المؤتمر الذي يشارك فيه باحثون ومختصون من دول إسلامية وغربية، على ستة محاور تبرز أثر مبادرة خادم الحرمين الشريفين في إشاعة مفهوم التعايش والتعاون، ونشر قيم الأمن والسلام، ومحاربة الشرور في العالم، والتعاون بين المجتمعات في المشترك الإنساني. وفي حواره مع «عكاظ» أكد الأمين العام للرابطة الدكتور عبد الله التركي أن المملكة تواصل مد جسور الحوار بين الشعوب على اختلاف أعراقها وثقافاتها وتعدد حضاراتها واتجاهاتها، موضحا «أن ما نسعى إليه في مجال الحوار مع أتباع الأديان يتوافق مع اهتمام خادم الحرمين الشريفين، الذي دعا العالم إلى الحوار والعودة إلى الله سبحانه وتعالى، لترسيخ الأخلاق والقيم الإنسانية السامية، وتعزيز التعايش بين الشعوب». وأمل التركي أن يتوصل المشاركون في هذا المؤتمر، إلى نتائج تحقق الآمال المنشودة، وتعين على تحقيق الهدف من الحوار مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة. وفيما يلي نص الحوار: المملكة والحوار • تعد المملكة رائدة في مجال الحوار، كيف تنظرون لهذا الدور وأنتم من القيادات الحوارية للأمة التي كلفها ولي الأمر لتولي هذه المهمة العالمية؟ - المملكة، كما يعرف العالم كله، حققت إنجازات كبرى في مجالات الحوار على المستويات المختلفة، ومن ذلك الحوار الوطني، والحوار الإسلامي الإسلامي، والحوار الثنائي مع بلدان العالم، وهي تنطلق بقيادة خادم الحرمين الشريفين في مد جسور الحوار بين الشعوب على اختلاف أعراقها وثقافاتها وتعدد حضاراتها واتجاهاتها في أنحاء العالم. وتأتي مبادرة الملك عبد الله للحوار لتعبر عن رغبة عميقة وصادقة في حسن التعايش والتعاون بين أمم العالم وشعوبه وحضاراته، تتبناها قيادة المملكة وتنتهجها في سياستها الداخلية والخارجية، وهذا دليل على أن الخلفية الثقافية والحضارية التي تنطلق منها المملكة تتسم بالانفتاح والمرونة وحب الخير للبشرية جمعاء، بهدف تحقيق الأمن الإنساني، وإيجاد عالم يسوده السلام والتفاهم، ليقطف أبناء البشرية ثمار التقدم والرخاء والازدهار. منافع عديدة • ماذا استوحيتم من هذه المؤتمرات واللقاءات الحوارية مع القيادات الدينية والثقافية والسياسية والعلمية؟ - ما نسعى إليه في مجال الحوار مع أتباع الأديان والحضارات والثقافات الإنسانية يتوافق مع اهتمام خادم الحرمين الشريفين، الذي دعا العالم إلى الحوار والعودة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لترسيخ الأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية السامية، وتعزيز التعاون والتعايش بين الشعوب. ولا بد لنا من خلال تلك اللقاءات الوقوف على إيجابيات تجارب الحوار وسلبياتها، والانطلاق من رؤى موحدة للنهوض بمستقبل الحوار وتطويره، ودراسة المعوقات التي تحول دون بلوغه النتائج المرجوة منه، والتنسيق العالمي في المواقف الدولية، ومواجهة المواقف المنافية للفطرة البشرية والمثل والقيم الاجتماعية، وترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة والممارسات الاجتماعية السامية، والتصدي للإباحية والانحلال والتفكك الأسري، ومواجهة دعوات الصراع الداعية إلى الصدام بين الأمم والشعوب، وتحقيق التفاهم بين المجتمعات الإنسانية، والتعاون على مواجهة التحديات والمشكلات العالمية المشتركة، والوصول إلى صيغة إنسانية للتعايش بين شعوب العالم. ولمسنا من خلال مؤتمرات الحوار العديد من المنافع، في مقدمتها عرض مبادئ الإسلام على الآخرين، وإزالة الشبهات عنها، وتصحيح التصورات والمفاهيم الخاطئة، وهذا ما شجعنا على المواصلة. ونأمل أن يتوصل المشاركون في هذا المؤتمر، الذي يناقش مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار وأثرها في إشاعة القيم الإنسانية، إلى نتائج تحقق الآمال المنشودة، وتعين على تحقيق الهدف من الحوار مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة، لأن أمتنا الإسلامية لديها مبادئ متكاملة في الحوار مع الآخرين، وسنعمل على تأصيل هذا النهج بما يشمل تحديد الأهداف والوسائل والمناشط. مبدأ التكافؤ • ماذا عن مبدأ التكافؤ بين المتحاورين؟ - الاتفاق على مبدأ التكافؤ بين المتحاورين من أجل صالح البشرية مطلب إسلامي، فإذا تحقق هذا المبدأ بقبول أطراف الحوار الأخرى له، فإن الطرف الإسلامي يمكن أن يتخذ الخطوات المطلوبة لإقامة علاقات منظمة مع لجان الحوار ومنتدياته ومراكزه الإسلامية منها والعالمية، وتسعى الرابطة لتحقيق ذلك عن طريق التنسيق بين المؤسسات الإسلامية المعنية بالحوار، ولتحقيق التنسيق بمهامه وأعماله الشاملة أنشأت الرابطة «الهيئة العليا للتنسيق بين المنظمات الإسلامية» ومن أعمالها التنسيق بين المنظمات الإسلامية المعنية بالحوار مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة في العالم، إضافة إلى التنسيق مع مؤسسات الحوار العالمية ومنتدياته. كذلك تعمل الرابطة على وضع برامج للحوار تعرض فيها الموضوعات المراد التفاهم حولها وفق أولوياتها الإنسانية ومن ثم تناقش في ندوات الحوار... إذن، الخطوات الأساسية لإقامة علاقات منتظمة مع أجهزة الحوار تقتضي تحقيق التنسيق ووضع الخطط والبرامج والتفاهم عليها، وهي مما يتعلق بالاهتمامات المشتركة لشعوب العالم ودوله. مشتركات إنسانية • كيف يمكن صناعة حوار معمق يقف على المشتركات الإنسانية بشمولية وواقعية، بعيدا عن النزعات الاستعلائية بصورها العرقية والإقليمية؟ - من خلال التجارب الحوارية المختلفة، وجدنا أن الحوار المجدي هو الذي يركز على المشترك الإنساني سعيا لتحقيق التعارف والتعايش والتعاون، ويبتعد عن الدخول في مناقشة القضايا الدينية. بالحوار الهادف يمكن تعميق ثقافة التعايش، كما أنه يسهم في تهميش القوى التي ما زالت تحرض على الكراهية وتدعو إلى تأجيج الصراع والحقد والأنانية والاستعلاء على الآخرين. ونحن عندما نتحاور لا نبحث في القضية العقائدية، لكن البحث في القواسم المشتركة التي يتفق عليها الناس. من مهام الحوار المعمق تحقيق تكامل الحضارات، لأن المجتمعات الإنسانية متعددة الأديان والمذاهب والثقافات، ومختلفة الأجناس والأعراق، فكان لا بد من المبادرة إلى الحوار لتحقيق مصلحة الناس جميعا، كما أنه لا بد من التعاون فيما بين المجتمعات والتعارف والتعايش بين فئاتها، والحوار يسهم في تحقيق التعاون مع وجود التعددية، وتحقيق التوافق والتقارب بين المفكرين والفلاسفة والحكماء، والعاملين في مجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع، على أن ينطلق المسلمون في الحوار من قاعدة الإيمان بالله، والاعتماد عليه، وطاعته ورجاء ثوابه، مع الحفاظ على مبدأ الإخاء الإنساني، وأساسه الأصل الواحد لبني الإنسان لتقوية أواصر العلاقات الدولية، وضرورة الاعتراف بالآخر، والإحساس بمشاعره ومطالبه وآلامه، والتقيد بمنهج الحق والعدل والمساواة، فهو المنهج المطلوب في كل حوار.