إنه لمن التفاؤل الذي يدعو للاستبشار الجم أن يقترن حال افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الموافق لرابع أيام عيد الفطر المبارك 1430ه / 23 سبتمبر (أيلول) 2009م، هذه الجامعة الفتية التي تعد نقطة تحول في التعليم الجامعي إضافة إلى كونها مركزا حيويا للتبادل الثقافي والمعرفي على مستوى العالم بأسره، ومؤشر ذلك أن مجموع الطلاب الملتحقين بها ابتداء نحو (400) طالب من (60) دولة ومن ضمنهم الطلبة السعوديون بنسبة (15 في المائة)، وأساتذة من (40) جنسية بهدف بناء جسور التعاون البناء بين الشعوب لكل ما فيه رقي الإنسان عبر تضافر الجهود الخيرة، وهنا يكمن موطن القوة الأكاديمي لجامعة الملك عبد الله. ولذلك جاءت إقامة هذا الصرح بتكلفة (عشرة) مليارات ريال على نحو غير مسبوق من حيث التصميم والتجهيز والاستخدام التقني لأحدث ما تم التوصل إليه في عالم اليوم ليكون في خدمة الدارسين وفي متناول العلماء والباحثين على درب المكتشفات والمخترعات المعززة للحضارة الإنسانية. وهكذا تطل بلادنا العزيزة على المجتمع الدولي متوشحة بالمجد والشموخ وكيان مؤسسات ومعلوماتية يمضي قدما بخطوات واثقة على درب المستقبل، وبمنهج ديناميكي متجدد رائده تحديث الأنظمة وبناء الإنسان المؤهل في جميع المجالات الحيوية.. فالراحل العظيم الملك عبد العزيز طيب الله ثراه قاد مسيرة التوحيد الوطني لوحدة الصف لنبقى أقوياء أمام التحديات.. وسار على نهجه خلفاؤه من بعده رحمهم الله الذين أضافوا الشيء الكثير فكانت المحصلة المزيد من التقدم لمصلحة الوطن والمواطن.. كما أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يقود الوطن إلى مركز متقدم من الازدهار والانفتاح المسؤول على الآخر مع الحفاظ على الثوابت التي هي مصدر عزتنا وإلهامنا المنبثقة عن العقيدة الإسلامية السمحة. وعود على بدء فقد أوضح الملك المفدى في كلمة الافتتاح بحضور قادة ورؤساء من مختلف دول العالم أن فكرة هذه الجامعة كانت حلما يراوده منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما، وكانت هاجسا ملحا عاش معه طويلا.. ولذلك يحمد الله عز وجل أن مكنه من تجسيدها واقعا نراه اليوم شامخا بحول الله وقوته على تراب أرض الوطن نتاج حلم يصدق وأمل يتحقق وإنجاز يرجى يتطلع إليه كل مخلص ويكبره كل منصف. وفي هذا السياق يقول مدير الجامعة: إن بدء الدراسة فعليا بمثابة انطلاقة لتحقيق الطموح العلمي لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في أن تكون ميناء المعرفة الجديد في الشرق الأوسط.. وأضاف أن الجامعة تمنح الماجستير والدكتوراه في (تسعة) برامج في صدارتها الهندسة الكيميائية، والبيولوجية، وعلوم البيئة، وعلوم الكمبيوتر.. كما ألمح إلى أن الجامعة تواجه العديد من التحديات العلمية من أبرزها تحويل الأشعة الشمسية إلى مصدر للطاقة المتجددة، وتعظيم الاستفادة من الرمال الصحراوية والمياه المالحة في الزراعة، وكذلك تحويل النباتات الصحراوية إلى محاصيل غذائية ذات غلة عالية. وأردف أن هناك ثلاث استراتيجيات رئيسية حددتها الجامعة وتسعى لتحقيقها.. في صدارتها بناء قاعدة دراسية صلبة وتسخيرها في تنويع اقتصاد المملكة وتحويله إلى اقتصاد يقوم على المعرفة، إلى جانب إحداث تغيير إيجابي في حياة الناس، ويمكن أن نستشف أبعاد هذا التوجه مما عبر عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبإيجاز شديد على أن الجامعة استئناف لنهضتنا ومصدر لقوتنا ومنارة لتسامحنا.. وحقيقة الأمر وما يستقرأ عن الجامعة وأهدافها يدل بما لا يدع مجالا للشك أن ما يرنو إليه ابن عبد العزيز ليس قصرا على وطنه فحسب بل يمتد ليشمل جميع المجتمعات الشقيقة والصديقة ومن منطلق إيماني لا رياء فيه ولا سمعة، لأن الإنسان الذي يعمر قلبه الإيمان يحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه... والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.