أعترف دون أن تخالجني أدنى غضاضة أنني في مثل هذه المناسبات الوطنية الغالية والمفعمة بنسائم تراب الوطن وعبق أمجاد رجاله الأجلاء يشق علي استدعاء الكلمات وتوسل العبارات.. فالحديث عن مملكتنا الحبيبة الزاخرة بالعطاءات ورجالها الأطواد ليس بالأمر اليسير، خصوصا إذا علمنا أن تلك العطاءات والمنجزات كثيرة ومديدة فضلا عن أنها حافلة بالمزيد، فمنذ تأسيس المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه والشعب يرفل بالخير والأمان وذلك بفضل من الله ثم بما أرساه وكرسه المؤسس الباني «الملهم» من دعائم ثابتة وقيم راسخة مستمدة من تعاليم وسماحة الدين الإسلامي وتبنى نهجه من بعده أبناؤه الميامين فحذوا حذو والدهم أمطره الله والمغفور لهم من أبنائه بشآبيب رحمته ورضوانه فتعاقبوا على استمرار تدفق العطاءات والإبقاء على منارة النهضة والحضارة خفاقة رغم التحديات وما واجهوه من صعاب ومتغيرات في مختلف الحقب والأزمنة، قصارى القول إن الوطن بقادته الأفذاذ لم يبخل علينا بالعطاء الوارف في شتى الميادين والصعد وعلى مر الأزمان وتلك حقائق لا تخطئها العين أو يجحدها عاقل وهذا ربما يقودنا للقول أو التساؤل إن جاز التعبير هل ما قدم للوطن يتسق ويتماهى ومعطياته؟ مغزى القول يتعين على كل مواطن «بلا استثناء» أن يضطلع بدور فعال وملموس تجاه الوطن وحسبنا أن يكون اليوم الوطني وقفة للتأمل ومراجعة الذات لما قدمناه وما سوف نقدمه لوطننا العزيز وبمقتضاه ليس أقل من أن نحاسب أنفسنا وبموضوعية عن ما بدر منا من هنات وما اقترفناه من أخطاء وربما خطايا وهذه «الجردة الذاتية» إن صحت التسمية ليست ضربا من المثالية ولا هي فضيلة بل واجب ومطلب وطني على كل مواطن صالح عاش في كنف هذا الوطن وترعر بعزه ومجده، فهل ثمة ما هو أعز وأغلى من الوطن ومن أراد البرهان فعليه أن يجرب الاغتراب أو لعله يسأل أحد المغتربين، وفي السياق قد يكون من المناسب التذكير أن دور المواطن في هذا الإطار لا يقتصر على تقديم الإنجازات وتأدية الواجبات المناطة على أكمل وجه وحسب بل يتجلى أكثر ما يتجلى بالذود عن الوطن من أي أذى أو ندب قد يترك أثرا على قسماته أو يعكر صفو إطلالته البهية بدءا من أبسطها وأقلها رهقا وهي إماطة الأذى عن الطريق أو لنقل عدم التسبب بالأذى، وانتهاء بأكثرها أهمية وهو المساهمة في القضاء على وباء العصر عدو الإنسانية «الإرهاب» وسدنته وقانا الله شرورهم ورد كيدهم في نحورهم وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)، نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان ويحفظ وطننا من كل مكروه إنه سميع مجيب. وحسبنا أن يكون اليوم الوطني وقفة للتأمل ومراجعة الذات لما قدمناه وما سوف نقدمه لوطننا العزيز.