تمثل قرى الراحة جنوب شرق منطقة جازان مشهدا من البساطة والعفوية في بنائها وفي إنسانها وفي طبيعتها، فهي مازالت بكرا وتسمع فيها صوت البقر والماعز والإبل وكذلك زقزقة العصافير والبلابل. ومع اقتراب لحظات أذان المغرب استقبلنا أهالي الراحة بكل ترحيب وتهليل ومعهم موائدهم التي يحملها الصغير والكبير من شتى أنواع المأكولات التراثية، ويحدث أن تجد وجبة رقائق البطاطس التي أحضروها احتراما لكافة الضيوف، ما أثار إعجابنا هو الاستقبال الحافل بالرغم من أننا لا نعرف سوى شخص وحيد بينهم ولكن طبع أهالي القرى غلب عليهم وكست الابتسامة محياهم. يشير الأستاذ أبو طالب علواني أن عادة أهالي قرى الراحة في رمضان هو أن يجتمعوا عند كل مسجد رجالا وشبابا وصغارا لتناول وجبة الإفطار حاملين معهم ما يقدرون عليه من طعام وشراب، ويضعون في حسبانهم أن يأتي ضيف أو عابر سبيل أو محتاج فيأكل ويشرب معهم ويكسبون أجر ذلك. ويضيف أن الحياة المدنية التي شاهدها أثناء دراسته خارج المنطقة جعلته يرى مدى التنافر بين المدينة والقرية، وفي القرية هناك لقاء جماعي لتناول الإفطار وأداء صلاة المغرب ولم شمل الأسر والأقارب وحل الخلافات مع حلول الشهر الفضيل، ورغم الإمكانيات المتواضعة لدينا فلا فرش وثيرة ولا مكيفات تغطي أرجاء المكان ولا ساحات مظللة، تبقى البساطة في المطعم والمشرب وكافة الشؤون هي عنوان حياتنا. من جانبه، أشار المعلم يحيى الصميلي أن هذه العادات المتمثلة في اجتماع كافة أبناء القرى في المساجد تعد من الأشياء الجميلة وذات الطابع الرمضاني خصوصا في القرى، التي لا تتوافر فيها الكهرباء «تجدهم يجتمعون تحت أضواء الفوانيس ويتدارسون القرآن والعلم النافع وفضائل الشهر، والتواصل فيما بينهم إضافة إلى اجتماعهم ومساعدة بعضهم البعض فلا فقير بينهم في شهر الكرم». وأضاف أن تجربته الوظيفية فرضت عليه أن يعيش هذه التجربة في المنطقة النائية وعاش هذه الأجواء في ظل وجود تجمع وتآلف وكأننا مع أسرنا رغم البعد إلا أن الكرم وتكاتف أبناء القرى وعاداتهم الحميدة في شهر رمضان جعلتنا نشعر أننا بين أهلنا دون أن ينقصنا سوى رؤيتهم.