لفت انتباهي في الأسبوع الماضي سؤال لأحد السذج فهو لم يكن ساخرا وهو يطرح سؤاله، وكان سؤاله «هل يجوز شراء ملابس جديدة في الأعياد لأولادي ليظهروا بها»؟ هذا السؤال ذكرني برجل جاء إلى الإمام أبي حنيفة رحمة الله عليه فقال له: إذا خلعت ثيابي ودخلت النهر أغتسل، فإلى القبلة أحول وجهي أم خلافها. قال له أبو حنيفة: الأفضل أن تحول وجهك إلى الجهة التي فيها ثيابك لئلا يسرقها أحد. وكان يريد الإمام أبو حنيفة رحمه الله أن يقول: ما هذا السؤال الساذج، ولكن بطريقة العلماء الأفاضل، فقالها كدعابة تجعل السائل يبتسم دون أن يغضب من الإجابة. من ذاك السؤال وهذه الحكاية، يمكن لنا أن نقول: إن السذج في كل مكان وفي كل زمان، ولكن كيف يتم صناعة تلك العقول، أو من يصنع مثل هؤلاء السذج الذين تخلوا عن عقولهم للآخرين، فتم إقناعهم أو تخويفهم أن الله عز وجل سيدخلهم النار لو لم يتجهوا للقبلة وهم يغتسلون، أو سيدخل الرجل النار لأنه اشترى ثيابا جديدة لزوجته وأبنائه في العيد، أو أنه ارتكب خطيئة لن تغتفر حين قرر قضاء حاجته مستقبلا القبلة أو مدبرا؟ هذا السؤال أجاب عليه الحسن البصري رحمة الله عليه قبل 1400 عام، يقول الحسن البصري: «حملة القرآن ثلاثة، رجل اتخذه بضاعة ينقله من مصر إلى مصر يطلب ما عند الناس، ورجل حفظ حروفه وضيع حدوده واستدر به عطف الولاة واستطال به على الناس، ورجل علم ما فيه وحفظه وعمل به داعيا وعابدا وهو خير الحملة». ويخيل لي أن كثر عدد الرجال «الذين اتخذوا القرآن بضاعة» في المجتمع، يصبح هذا المجتمع مليئا بالأسئلة الساذجة؛ لأن الكثير تخلى عن عقله لمن اتخذ القرآن بضاعة، فهؤلاء المتاجرون بالدين يحولونه إلى دين الخوف كما فعل الكهنة والحاخامات والقساوسة قبلهم، يرعبون الناس به، من خلال تكريس مبدأ العقاب فقط، وأن الله عز وجل ينتظر الإنسان أن يخطئ ليرميه في الجحيم، فيما رحمة الله وسعت السماوات والأرض. أما إن كثر عدد المشايخ «الذين اتخذوا القرآن ليستطيلوا به على الناس»، فسيكفر غالبية المجتمع بدين المصالح، لأن المشايخ يغيرون بأحكامهم حسب الشخص الذي أمامهم، ويصبح هذا المجتمع مليئا بالمخادعين أو «الذهينين» كما يقول العامة. ووحدها الفئة الثالثة إن كثرت أصبح المجتمع صحيا وعادلا، وينزع للخير دائما؛ لأن الله عز وجل يطلب منا في هذه الحياة أن نعمر الدنيا ونبنيها، وأن نحقق العدل لأننا خلفاؤه في الأرض. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة