"مركز استهداف تمويل الإرهاب".. جهودٌ فعّالة ورائدة في مكافحة جريمة الإرهاب وتمويله    جيسوس: اللعب الجماعي مفتاح التأهل للنهائي    مكتبة الملك عبدالعزيز تعقد ندوة "مؤلف وقارئ بين ثنايا الكتب"    انطلاق ملتقى عين على المستقبل في نسخته الثانية بالرياض    أمير المدينة المنورة يدشّن المرافق الحديثة للمتحف الدولي للسيرة النبوية    وزير الخارجية يجري مباحثات مع نظيره العُماني    الشورى يطالب توحيد الجهود وتطوير تصنيف موحد للإعاقة    ورشة عمل حول منصة Linkedin بجامعة خالد    أمير نجران: التبرع السخي يجسد حرص واهتمام سمو ولي العهد على كل ما يعزز العمل الخيري    وزير الإعلام: 85% من مبادرات رؤية 2030 تحققت.. و2024 عام الأرقام القياسية    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    جمعية الخدمات الصحية في بريدة تفوز بجائزة ضمان    القبض على مواطن بتبوك لترويجه مادة الحشيش المخدر    أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    تقديرًا لإمكانياته القيادية ودوره في خدمة القطاع الصحي بالمملكة: "مانع المانع" الرئيس التنفيذي لمستشفيات المانع يحصد جائزة "الشاب القائد للعام" من مجلس الضمان الصحي    محافظ تيماء يرأس الجلسه الأولى من الدورة السادسة للمجلس المحلي    استثمر في حائل.. أرض الفرص الواعدة    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية خدمة ضيوف الرحمن بالمنطقة    بلدية مركز شري تُفعّل مبادرة "امش 30" لتعزيز ثقافة المشي    الراشد : حققنا أهدافنا ..وهذا سر دعم زوجتي لجائزة السيدات    جيسوس: إصابة كانسيلو الجانب السلبي الوحيد    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة ال 46 من جامعة الملك فيصل    هل تنقذ الصحافة الاقتصاد في عصر الذكاء الاصطناعي؟    استشهاد 18 فلسطينيًا    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    أمير القصيم: الخريجون ثروة الوطن الحقيقية لتحقيق التنمية    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    معرض"ذاكرة الطين" للتشكيلية فاطمة النمر    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    "الانضباط" تجدد رفض احتجاج الوحدة ضد النصر    للمرة ال 20 في تاريخه.. ليفربول يتوج بالدوري الإنجليزي بجدارة    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    ليلة استثنائية    أخضر الشابات يترقب قرعة تصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    Adobe تطلق نموذج Al للصور    مقتل شخصين في ضربات أميركية على صنعاء    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    محمد بن ناصر: رياضة المشي لها دورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الأسواق تترقب أسبوعا يرسم ملامح الاقتصاد العالمي    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 24 - 02 - 2011

أكد المستشار الخاص للأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز المسؤول عن ملف الدماء الدكتور علي المالكي أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كان لها الأثر البالغ في نجاحهم في كثير من حالات العفو التي سعوا فيها، مؤكدا اهتمامه بمتابعة سير هذه القضايا، ومشيدا بحرصه البالغ على استقباله للعافين لوجه الله بنفسه دون أن يكلف أحدا بالقيام بهذه المهمة رغم ارتباطاته العديدة ومشغولياته الكثيرة، وحرص خادم الحرمين على أن يكون التنازل بإرادة أولياء الدم واختيارهم وليس نتيجة لأي ضغوط. وشدد عضو لجنة إصلاح ذات البين على حرص الملك عبد الله على محاربة المتاجرة بالدماء التي باتت ظاهرة ملحوظة، مؤكدا أنه جعل الحد الأعلى للتعويض 500 ألف ريال ومن يطالب بأكثر من هذا المبلغ فليس هناك مجال أمامه سوى القصاص، مشيرا إلى كثير من المواقف الإنسانية والنبيلة لخادم الحرمين مع أبنائه وشعبه وحرصه على نصحهم بإخلاص النية لله وعدم العمل للسمعة والشهرة بل لله تعالى. وعزا المالكي إصرار بعض المتشددين من أتباع الفئة الضالة على التمسك بمواقفهم إلى أن هؤلاء كانوا يتلقون هذه المزاعم من مرجعيات قديمة، ورفضهم للتعامل مع الواقع، مؤكدا قدرة المملكة على اجتثاث هذه الفئة وتجنيب المجتمع شرورها. وتطرق في حواره مع «عكاظ» عن موقف العلماء والدعاة من الظهور في الفضائيات عندما كانوا يعارضون الظهور في بداية الأمر؛ لخوف بعضهم من الجديد وضيف أفق البعض الآخر، ودعا المالكي لإيجاد خطاب دعوي جديد غير خطاب الصحوة الذي رأى أن الكثير من أتباعه ومنظريه لم يفقهوا التعايش مع الطرف الآخر في حدود الثوابت الدينية. وطالب الدكتور علي الفضائيات بإيجاد بدائل فنية إسلامية ترتقي بالذوق وتربي في الأمة القيم والأخلاق الحميدة.. فإلى تفاصيل الحوار :
• كيف كانت بداية الاهتمام بمشاريع الإصلاح بين المتنازعين؟
تميزت المملكة بتبنيها لمثل هذه المشكلات، وهي مملكة الإنسانية ولا شك أن خادم الحرمين يمثل هذا المشروع الخيري للإصلاح الذي تتم ترجمته عمليا بإنشاء الجمعية العالمية الخيرية للأعمال الإنسانية، والمملكة معروفة بعملها في مجال الإصلاح منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز.
وقد التحقت بالعمل في إصلاح ذات البين منذ حوالى ست سنوات، كما أعمل مستشارا خاصا لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، وقد تبنيت مع سموه مشاريع الإصلاح سواء داخل المملكة أو خارجها بتوجيهات ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين، ولدي في هذا المجال خبرة وباع وهناك شواهد من القصص في مجال الإصلاح، علما بأننا لا نختص فقط بقضايا القتل بل نعمل كذلك في مجال الإصلاح بين الأسر والمجموعات والقبائل لنساهم في إعادة الأمور لمجاريها.
• لعلك تذكر لنا بعض القصص التي مرت بك؟!
في قضايا الإصلاح هناك قصص كثيرة أذكر منها أنني شفعت في شاب محكوم عليه بالقصاص مكث في السجن أربع سنوات وخرج بفضل الله، وبعد خروجه بيوم واحد توفي بعد الفرحة الهائلة له ولأهله. وأذكر من القصص أننا سافرنا مرة إلى طنجة في المغرب والتقينا بأسرة أحد المغاربة الذين قتل ابنهم في المملكة وكان معنا شيء من المال لتسليمهم إياه، وقد عرضنا عليهم الله ورسوله ثم عرضنا عليهم الدية لكنهم كانوا متشددين، والغريب بل والجميل أنه في نهاية المطاف عرضنا عليهم حج بيت الله الحرام وأن يأتوا بمن يريدون من أفراد أسرتهم فأتوا بتسعة أشخاص وكان العتق لوجه الله ثم حج بيته العتيق.
مواقف إنسانية
• لا بد أن في ذاكرتك بعضا من القصص التي تبين اهتمام خادم الحرمين الشريفين بهذه القضايا ؟
الملك عبد الله يجسد معنى الرجل الصالح الذي يمثل أنموذج الأب والرجل المتواضع الذي دائما ما يحرص على عمل الخير ونشره، فلا نذكر أننا عرضنا عليه معاناة أسرة شاءت عليها قدرة الله أو صورة أم تبكي لما حصل لأبنائها، أو معاناة بعض الأبناء إلا وكان خادم الحرمين يبكي تأثرا، وأحيانا نرى دمعته على خده وهو يمسحها بطرف ثوبه، فهو يمثل شخصية إنسانية فيها معاني العطف والرحمة، بل إنه كان دائما ما يوصينا ألا نضغط على الناس وأن من يريد التنازل فبحرية وأن جميع أعمالنا ينبغي أن تكون لوجه الله، ويحذرنا من الضغط على الأسر أو أن نضغط على الناس بجاه خادم الحرمين الشريفين، ولعل ما نشرته الصحف من استقباله للإخوة الإثيوبيين وسؤاله عن أحوالهم قبل فترة رغم ضيق وقته دليل على حرصه الشديد، فهو لا يمانع من أن يلتقي بالأسر العافية لوجه الله بشكل شخصي وهذا فيه دليل على حرصه على حل هذه المشكلات.
وأذكر موقفا حيث كنا في تبوك وكنا نعمل في إحدى قضايا الدماء هناك، وتصادف الأمر مع حضور بعض الأسر وتنازلت عن قاتلي ابنيهما أمام خادم الحرمين في نفس تلك الفترة، فما كان من الملك عبدالله إلا أن التفت إلى الخلف وذكر للحاضرين ومنهم والد المقتول وطلب منا أن نقول آمين فقلنا آمين، فقال: «اسألوا الله أن يقذف في قلبه الرضا حتى يتنازل كما تنازل هؤلاء الليلة». حتى في صخب هذه الارتباطات لم ينس أسرة هذا الشخص وتمنى لهم الخير قبل أن يتمناه للآخرين.
المتاجرة بالدماء
• ماذا عن ظاهرة المتاجرة بالدماء وحرصه على محاربتها؟
خادم الحرمين رجل إنسانية يعلم أن كثيرين من أهل الدم قد لا يملكون هذا المبلغ، وكذلك يحرص على ألا يفتح هذا الباب على مصراعيه، لأنه للأسف الشديد أن هناك من ينسب نفسه لأهل الخير ولمشايخ القبائل وأهل الدم ويطالب بأن يدفع لهم مبالغ من المال حتى يشهدوا على ذلك ويسعوا فيه، لذلك حرص خادم الحرمين على إغلاق هذا الباب تماما وجعل السقف الأعلى 500 ألف ريال. ومن يطالب بأعلى منه ليس أمامه سوى تنفيذ القصاص، أما ما يقوم به فئة من الناس من مطالبتهم بمبالغ طائلة، فخادم الحرمين قد سعى جادا من خلال تكليفه لابنه الأمير تركي ومن يعمل معه على ألا نسعى إلا لوجه الله تعالى، ونحن لا نسعى إلا في قضايا الإصلاح لوجه الله تعالى.
• هل هناك نسبة تجاوب عالية مع هذه المحاولات ؟
هناك تجاوب منقطع النظير والجميع يحبون الله ورسوله ومن ثم يحبون خادم الحرمين لذلك فإن الناس لا تمانع من الموافقة، خصوصا أنه لم يجعل الناس تتنازل هباء بل ينالون مبلغا معقولا، من يتنازل يفوز بأمرين هما رضاء الله ورسوله ثم إرضاء ولي الأمر.
• وما هي التوجيهات الخاصة التي وجهكم بها خادم الحرمين ؟
من أبرز توجيهات خادم الحرمين الشريفين أنه أوصانا في أحد اللقاءات وقال بالحرف الواحد: «اتقوا الله عز وجل، إذا أصاب أحد ففي ميزان حسناتكم، وإن أخطأ ففي ميزان سيئاتكم وأنتم ظل لتركي وعينه اليمنى فاتقوا الله عز وجل». كذلك كان يذكرنا بأن ما كان لله تعالى فهو لله، وعندما نسعى في قضية يقول: «أخلصوا النية لله تعالى ولا يكون العمل للسمعة والشهرة بل لله تعالى». ودائما ما يوصي ابنه تركي بالتواضع والتنازل وإذا نزل إلى أحد من الناس أن يقول للآخرين: «إذا كان ابنك قد مات فأنا ابنك»، ويقول لنا «أنتم الرابحون أمام الله إذا نجحتم».
قضايا أسرية
• ماذا عن تعامل خادم الحرمين مع أبنائه ودفعهم لعمل الخير ؟
المتأمل في سيرة خادم الحرمين الشريفين يجد أنه رجل بكاء من خشية الله ورجل عابد صالح يكثر من قراءة القرآن ليلا والصلاة، وعندما نحضر الصلاة معه نجده في الصف الأول وهو لا يؤخر صلاة الجمعة، ويلغي بعض اجتماعاته من أجل الصلاة، ومن بعض الأشياء التي أعلمها أنه حريص على أبنائه ألا يزاحموا أحدا في مطالب الدنيا، لذلك نجدهم زهادا أنقياء ليس لديهم مشاكسات عقارية.
الأمير تركي وهو مقدم ركن طيار يداوم في المنطقة الشرقية ولم يتخلف عن عمله، أخبرني أن والده يتصل أحيانا على مكان عمل ابنه ليتأكد من وجوده في العمل، فالملك حريص على أبنائه وتعليمهم، فقد تأخر أحد أبنائه مرة في فصل دراسي جامعي فأرشده إلى دراسة ترم صيفي حتى لا تفوته المواد، فالملك عبد الله رجل يحترم العلم والتعليم ويحترم الكبار.
• ماذا عن ارتفاع نسبة الطلاق والعنف الأسري فهل هذه الهموم تؤرق خادم الحرمين، وماذا فعل تجاهها ؟
بدون شك له توجيهاته الكبيرة في هذا المجال، ففي جميع ما يناقش في مجلس الشورى وحقوق الإنسان من قضايا أسرية واجتماعية هو من يدفع لمناقشتها حتى يجدوا لها حلولا، فهي ليست أفعالا فردية لأناس متحمسين وإنما ترجمة لمتابعة خادم الحرمين الشريفين لهذه القضايا، وهنا يبقى دور الدعاة والقضاة والعلماء والأدباء والمثقفين ورجالات الإعلام في بث ما فيه خير للناس والحرص على إيجاد ما يجمع الشمل وليس ما يفرقه، والدور لا ينبغي أن ينحصر فقط في خادم الحرمين فهو لا شك أنه في رأس الهرم لكنه يحتاج إلى بطانة ورعية صادقة تكمل الجهود سواء من أمراء المناطق أو القضاة أو الدعاة أو الإعلاميين والمعلمين وكل شرائح المجتمع.
الساحة الدعوية
• بما أنك داعية فكيف تنظر إلى الساحة الدعوية اليوم وهل الدعاة مؤهلون أم أنهم يسيؤون للدعوة؟
المنافقون وجدوا حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الناس من يجاهد ويقتل في صف الجهاد من أجل أن يقال له شهيد ولكنه في النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. ومشكلتنا في المملكة أن الدعوة إلى الله تعالى تربت على المركزية، وأنا مطمئن لمستقبل الدعوة في المملكة ونشرها في الخارج، إلا أن الإعلام مع الأسف قدم أناسا على الشاشات على أنهم دعاة يجدون الإشادة من المشاهدين بأنهم شيوخ وعلماء أجلاء لكن بعضهم خلاف ذلك وهو أمر يسيء إلى الدعوة وأهلها.
فالساحة الدعوية تحتاج إلى النقاء والصفاء، ولا أقول إن من هم في الساحة غير مؤهلين، بالعكس لدينا علماء ومشايخ يخافون الله تعالى، ولكن الإعلام يقدم شخصيات بحاجة إلى أن تدرس العلم قبل أن تنقله للآخرين.
• بخصوص قرار تقنين الفتوى الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين هل ترى أن عدد أعضاء هيئة كبار العلماء كاف أم أننا بحاجة إلى المزيد؟
أتفق معك بأن القرار الذي صدر من خادم الحرمين يعتبر قرارا صائبا وأنا من ضمن الذين كتبوا لمقامه السامي حول هذا الموضوع، وقد نشرت عدة صحف مناشدات للقيادة السياسية في البلد بأن تتدخل للحفاظ على الفتيا من العبث والعابثين، فالمملكة هي قبلة المسلمين؛ لذلك كان لزاما اتخاذ القرار وقد وفق خادم الحرمين في إصدار هذا القرار ونشكره عليه، أما عن العلماء الموجودين فربما لا يكونون كافين، لكن لا شك أنهم النخبة الموجودة وهم رجال بلغوا الستين والسبعين والجميع يعلم أنهم من الثقاة والأبرار الذين بلغوا من العلم عتيا وهم من المقبولين عند الآخرين. لكن أن تأتي بشاب عمره (25) عاما وتقدمه لدار الإفتاء حتى وإن كان عالما لكن قد لا يتفق على حبه كثيرون من الناس، ولكن عندما تأتي بهؤلاء أعتقد أن الجميع سيتفقون على حبهم ولهم احترام وتقدير على مستوى الدول العربية المجاورة وبقية دول العالم. الشيخ ابن باز رحمه الله كان عندما يصدر فتوى لا يصدرها على الحدود بيننا وبين الدول المجاورة، بل كانت فتواه تتعدى الكثير من الدول حتى أدغال أفريقيا وشوارع أمريكا.
خطاب الصحوة
• عانى المجتمع من الخطاب الصحوي كما يقال، هل نحن بحاجة إلى إعادة النظر في الخطاب الصحوي وهل كان مليئا بالسلبيات التي تحتاج إلى إعادة نظر ؟
لا نستطيع أن نقول إن الخطاب لم يكن صحيحا لكن الوضع الحالي لا يسمح بالخطاب القديم، فنحن الآن دولة نامية ومفتوحة على العالم ولدينا من الجاليات والضيوف ومن يأتي للتجارة والاستثمار والسياحة والعمرة والعمل، بالتالي توسعت المملكة وتوسعت نطاقاتها، فالقضية أصبحت أكبر من إلقاء خطاب على المواطن السعودي، القضية قضية ضيف وشخص موجود، ونحن نعيش مرحلة خطيرة وهي التعايش مع الطرف الآخر، وبعض رجال الصحوة لم يفقهوا معنى التعايش مع الطرف الآخر في حدود الثوابت الدينية مع تمييع أصل القضايا، وبعض المشايخ والدعاة المحسوبين على الصحوة لم يدرك كيفية المعادلة ولم يعرف معنى التعايش والبقاء على الثابت، وبالتالي أصبح يغلب جانب التعايش حتى يصل إلى مستوى تمييع القضية، لذلك لم تكن هناك موازنة في الخطاب الجديد العالمي في الساحة، ومن الواجب أن تعاد الخطابات الدينية مع المحافظة على الثوابت.
• رميت الإعلام بأنه صنع بعض المشايخ، هل الفضائيات لديها سوء في الإدارة وبالتالي أصبحت تتخبط ؟
الفضائيات الإسلامية بدأت في مشروعها الأول من هم ديني هو نقل الدين للناس وتثقيفهم، وبالتالي كان لا بد لهذه القنوات من مشاريع دينية ومشاريع وقفية تخدم دين الله، لكنها أصبحت تنافس كأنها قنوات دعائية وتجارية، إلا أنها لا تزال تواصل الخير.
أعتقد أن هذه الفضائيات بحاجة إلى أوقاف خيرية تدعم هذا المشروع وأن تكون أكثر حرصا في نقل الدين للناس، أما قضية التنافس في الأسماء والبرامج أتمنى ألا تصل الفضائيات الدينية إلى هذا، مع أن التنافس جميل ويقدم الشاشة ويجعلها تظهر بشكل أفضل إلا أننا نحتاج إلى أن تكون لدينا بدائل أكثر.
وللأسف لم نر مسرحية أو تمثيلية إسلامية أو ما تجد فيه بديلا للناس، فقناة المجد عندما انطلقت حتى وإن كانت في بداية انطلاقها ليس فيها الانفتاح الموجود حاليا مثل الأناشيد وغيرها إلا أنها كانت بديلا للناس فاتجهوا إليها، ورغم أن الخطاب الصحوي توسع نوعا ما إلا أننا بحاجة إلى إيجاد بديل جديد يواكب الحضارة الموجودة ويتماشى مع طبيعة المجتمع الشبابي، فالقضية ليست أن تتحدث مع شاب مستقيم عمره 40 عاما، بل أن تتحدث عن شاب عمره 20 عاما تتنازعه الحضارة الغربية وأصبح يرى العالم من خلال الفضائيات، وبالتالي يجب أن يكون للقنوات الإسلامية حضور كبير ببرامج عالمية تواكب الحضارة الحديثة وتحاكي الشباب.
بدائل فنية
• دائما تقول إن هناك بديلا فنيا غائبا، لماذا ترى أن البديل الفني غائب عن الفضائيات الدينية؟
لأن الكثير من الفضائيات تعتقد أنه لو بثت مسرحية أو تمثيلية إسلامية سوف تتعرض للهجوم من قبل بعض المحبين لها، مع العلم أنني أعتقد أن هذا سيزيد من جماهيريتها ونسبة مشاهدتها، والبدائل مهمة جدا، ونحن بحاجة إلى أن نوجد كاتبا يتبنى مشروعا دراميا مسرحيا إسلاميا وأناشيد دينية، والجيل القادم في نظري أكثر تحررا ولديه فكر غني.
الظهور الإعلامي
• بعض علمائنا حرموا التلفزيون والفضائيات، وبعضهم أصبح أخيرا يظهر في الفضائيات، هل كان هناك ضيق أفق ؟
لا شك في ذلك كل جديد غير مرغوب فيه، وربما كانت نظرة بعض أهل العلم خشية أن يفتن بعض الدعاة في هذه القنوات، كذلك كانوا لا يدركون ثقافة الإعلام وكيف يمكن أن يؤثر في العالم، لكن عندما تجددت هذه المعاني والقيم عند الدعاة أرى لهم حضورا، وحتى هيئة كبار العلماء موجودون، ولا ينبغي أن نجرد الماضي أو أن نعير بعضنا البعض بما مضى، والواجب أن نتقدم وأن نعمل لإيجاد البديل وأن نعمل لتحقيق النجاح، حتى وإن كان هناك من عارض في الماضي. فالدكتور سلمان العودة أصبح حضوره في الفضائيات مشرفا مع أنه كانت له معارضة في الحضور، وقد ذكر لي الشيخ سعد البريك أن كثيرين من المشايخ والدعاة حاربوه في قضية ظهوره على الفضائيات في أول ظهورها، مما اضطره لأخذ فتوى مكتوبة من الشيخ ابن باز رحمه الله للظهور في الفضائيات، والآن بعض المشايخ يظهرون فيها، وهذا ليس عيبا بل شيء جميل.
• ربما كان ضيق أفق من بعضهم؟
نعم أو خوفا من الجديد.
• يعاب على الفضائيات الإسلامية إدارتها من قبل بعض المشايخ الذين ربما ليس لهم خبرة في الإعلام وبالتالي يغلب على الفضائية الجوانب غير الإعلامية وبالتالي تغلق هذه الفضائيات، كيف ترى الأمر؟
بعض القائمين على الفضائيات يريدون أن تكون فضائياتهم مستنسخة لفضائيات أخرى إسلامية، ربما يعود ذلك إلى ضيق أفق بالإعلام، بالتالي نحن بحاجة إلى أن نعطي المتخصصين تخصصهم، وأعتقد أن الفضائيات الإسلامية الآن في طريقها إلى الصواب، والمتأمل في قناة (اقرأ) يجد أنها تستحق المتابعة والاحترام وكذلك (الرسالة) و (المجد) تستحقان المتابعة والتقدير، وهناك قنوات معتدلة وإسلامية تحافظ على الهوية ومع ذلك فهي لجميع الشرائح، حتى المشايخ الذين لهم فضائيات يديرونها أعتقد أن لهم أفقا عالميا، لكن مشكلتنا في المشايخ الذين لم يسافروا خارج البلاد ولم يروا العالم، أما الذين سافروا فقد أصبحوا أكثر أفقا ويدركون ماذا يحتاج العالم، وعندما تظهر على فضائية فإن متابعيك يكونون على مستوى العالم كله وليس في المملكة فحسب، وعندما نذهب إلى المغرب العربي أو أوروبا نرى ذلك. وشخصيا لدي بعض البرامج على قناة (اقرأ) وأطلب للحضور في إيطاليا وأمريكا، بالتالي ينبغي أن يكون الطرح عالميا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.